المسألة الرابعة
[ ولاء العبد المسلم إذا أعتقه النصراني ]
اختلف العلماء في
ولاء العبد المسلم إذا أعتقه النصراني قبل أن يباع لمن يكون ؟ فقال
مالك وأصحابه : ولاؤه للمسلمين ، فإن أسلم مولاه بعد ذلك لم يعد إليه ولاؤه ولا ميراثه .
وقال الجمهور : ولاؤه لسيده ، فإن أسلم كان له ميراثه .
وعمدة الجمهور أن الولاء كالنسب ، وأنه إذا أسلم الأب بعد إسلام الابن أنه يرثه ، فكذلك العبد .
وأما عمدة
مالك فعموم قوله تعالى : (
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) فهو يقول : إنه لما لم يجب له الولاء يوم العتق لم يجب له فيما بعد . وأما إذا وجب له يوم العتق ثم طرأ عليه مانع من وجوبه فلم يختلفوا أنه إذا ارتفع ذلك المانع أنه يعود الولاء له .
ولذلك اتفقوا أنه إذا أعتق النصراني الذمي عبده النصراني قبل أن يسلم أحدهما ثم أسلم العبد أن الولاء يرتفع ، فإن أسلم المولى عاد إليه . وإن كانوا اختلفوا في الحربي يعتق عبده وهو على دينه ، ثم يخرجان إلينا مسلمين ، فقال
مالك : هو مولاه يرثه ، وقال
أبو حنيفة : لا ولاء بينهما ، وللعبد أن يوالي من شاء على مذهبه في الولاء والتحالف . وخالف
أشهب مالكا فقال : إذا أسلم العبد قبل المولى لم يعد إلى المولى ولاؤه أبدا . وقال
ابن القاسم : يعود ، وهو معنى قول
مالك ; لأن
مالكا يعتبر وقت العتق .
وهذه المسائل كلها هي مفروضة في القول لا تقع بعد ، فإنه ليس من دين النصارى أن يسترق بعضهم
[ ص: 691 ] بعضا ، ولا من دين
اليهود فيما يعتقدونه في هذا الوقت ويزعمون أنه من مللهم .