الجنس الثاني
[ متى يعجز المكاتب فيرق ؟ ]
وأما متى يرق ؟ فإنهم اتفقوا على أنه إنما يرق
إذا عجز إما عن البعض وإما عن الكل بحسب ما قدمنا اختلافهم .
واختلفوا هل للعبد أن يعجز نفسه إذا شاء من غير سبب ، أم ليس له ذلك إلا بسبب ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الكتابة عقد لازم في حق العبد وهي في حق السيد غير لازمة ، وقال
مالك وأبو حنيفة : الكتابة عقد لازم من الطرفين ( أي : بين العبد والسيد ) .
وتحصيل مذهب
مالك في ذلك أن العبد والسيد لا يخلو أن يتفقا على التعجيز أو يختلفا ، ثم إذا اختلفا فإما أن يريد السيد التعجيز ويأباه العبد ، أو بالعكس ( أعني : أن يريد به السيد البقاء على الكتابة ، ويريد العبد التعجيز ) .
فأما إذا اتفقا على التعجيز فلا يخلو الأمر من قسمين : أحدهما أن يكون دخل في الكتابة ولد أو لا يكون ، فإن كان دخل ولد في الكتابة فلا خلاف عنده أنه لا يجوز التعجيز . وإن لم يكن له ولد ففي ذلك روايتان : إحداهما : أنه لا يجوز إذا كان له مال ، وبه قال
أبو حنيفة ، والأخرى أنه يجوز له ذلك .
فأما إن طلب العبد التعجيز وأبى السيد لم يكن ذلك للعبد إن كان معه مال أو كانت له قوة على السعي .
وأما إن أراد السيد التعجيز وأباه العبد ; فإنه لا يعجزه عنده إلا بحكم حاكم ، وذلك بعد أن يثبت السيد عند الحاكم أنه لا مال له ولا قدرة على الأداء .
[ ص: 705 ] ونرجع إلى عمدة أدلتهم في أصل الخلاف في المسألة ، فعمدة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ما روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة جاءت إلى
عائشة تقول لها : " إني أريد أن تشتريني تعتقيني فقالت لها : إن أراد أهلك ، فجاءت أهلها فباعوها وهي مكاتبة " خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وعمدة المالكية تشبيههم الكتابة بالعقود اللازمة ; ولأن حكم العبد في هذا المعنى يجب أن يكون كحكم السيد وذلك أن العقود من شأنها أن يكون اللزوم فيها أو الخيار مستويا في الطرفين ، وأما أن يكون لازما من طرف وغير لازم من الطرف الثاني فخارج عن الأصول ، وعللوا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة بأن الذي باع أهلها كانت كتابتها لا رقبتها .
والحنفية تقول : لما كان المغلب في الكتابة حق العبد ، وجب أن يكون العقد لازما في حق الآخر المغلب عليه وهو السيد أصله النكاح ; لأنه غير لازم في حق الزوج لمكان الطلاق الذي بيده وهو لازم في حق الزوجة ، والمالكية تعترض هذا بأن تقول إنه عقد لازم فيما وقع به العوض ، إذ كان ليس له أن يسترجع الصداق .