[
دية الجنين ]
ومما يدخل في هذا الباب من أنواع الخطأ دية الجنين ; وذلك لأن سقوط الجنين عن الضرب ليس هو عمدا محضا ، وإنما هو عمد في أمه خطأ فيه .
والنظر في هذا الباب هو أيضا في الواجب في ضروب الأجنة وفي صفة الجنين الذي يجب فيه الواجب ، وعلى من تجب ، ولمن يجب ، وفي شروط الوجوب .
فأما الأجنة فإنهم اتفقوا على أن الواجب في جنين الحرة وجنين الأمة من سيدها هو غرة لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وغيره : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006827أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها " فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغرة عبد أو وليدة " .
واتفقوا على أن قيمة الغرة الواجبة في ذلك عند من رأى أن الغرة في ذلك محدودة بالقيمة - وهو مذهب الجمهور - هي نصف عشر دية أمه ، إلا أن من رأى أن الدية الكاملة على أهل الدراهم هي عشرة
[ ص: 733 ] آلاف درهم ، قال : دية الجنين خمسمائة درهم ، ومن رأى أنها اثنا عشر ألف درهم قال : ستمائة درهم ، والذين لم يحدوا في ذلك حدا أو لم يحدوها من جهة القيمة وأجازوا إخراج قيمتها عنها قالوا : الواجب في ذلك قيمة الغرة بالغة ما بلغت ، وقال
داود وأهل الظاهر : كل ما وقع عليه اسم غرة أجزأ ، ولا يجزئ عنده القيمة في ذلك فيما أحسب .
واختلفوا
في الواجب في جنين الأمة وفي جنين الكتابية ، فذهب
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إلى أن جنين الأمة عشر قيمة أمه ذكرا كان أو أنثى يوم يجنى عليه ، وفرق قوم بين الذكر والأنثى ، فقال قوم : إن كان أنثى فيه عشر قيمة أمه ، وإن كان ذكرا فعشر قيمته لو كان حيا ، وبه قال
أبو حنيفة ، ولا خلاف عندهم أن جنين الأمة إذا سقط حيا أن فيه قيمته ، وقال
أبو يوسف : في جنين الأمة إذا سقط ميتا منها ما نقص من قيمة أمه .
وأما جنين الذمية ، فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأبو حنيفة : فيه عشر دية أمه ، لكن
أبو حنيفة على أصله في أن دية الذمي دية المسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي على أصله في أن دية الذمي ثلث دية المسلم ،
ومالك على أصله في أن دية الذمي نصف دية المسلم .
وأما صفة الجنين الذي تجب فيه فإنهم اتفقوا على أن من شروطه أن يخرج الجنين ميتا ولا تموت أمه من الضرب . واختلفوا إذا ماتت أمه من الضرب ثم سقط الجنين ميتا ، فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : لا شيء فيه ، وقال
أشهب : فيه الغرة ، وبه قال
الليث ،
وربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري .
واختلفوا من هذا الباب في فروع ، وهي العلامة التي تدل على سقوطه حيا أو ميتا . فذهب
مالك وأصحابه إلى أن علامة الحياة الاستهلال بالصياح أو البكاء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأكثر الفقهاء : كل ما علمت به الحياة في العادة من حركة أو عطاس أو تنفس فأحكامه أحكام الحي ، وهو الأظهر .
واختلفوا من هذا الباب في الخلقة التي توجب الغرة ، فقال
مالك : كل ما طرحته من مضغة أو علقة مما يعلم أنه ولد ففيه الغرة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا شيء فيه حتى تستبين الخلقة . والأجود أن يعتبر نفخ الروح فيه ( أعني : أن يكون تجب فيه الغرة إذا علم أن الحياة قد كانت وجدت فيه ) .
وأما على من تجب ؟ فإنهم اختلفوا في ذلك ، فقالت طائفة منهم
مالك nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري : هي في مال الجاني ، وقال آخرون : هي على العاقلة ، وممن قال بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وجماعة . وعمدتهم أنها جناية خطأ فوجبت على العاقلة . وما روي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006828أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل في الجنين غرة على عاقلة الضارب وبدأ بزوجها وولدها " . وأما
مالك فشبهها بدية العمد إذا كان الضرب عمدا .
وأما
لمن تجب ؟ فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأبو حنيفة : هي لورثة الجنين ، وحكمها حكم الدية في أنها موروثة ، وقال
ربيعة والليث : هي للأم خاصة ، وذلك أنهم شبهوا جنينها بعضو من أعضائها .
ومن الواجب الذي اختلفوا فيه في الجنين مع وجوب الغرة وجوب الكفارة ، فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى أن فيه الكفارة واجبة ، وذهب
أبو حنيفة إلى أنه ليس فيه كفارة واستحسنها
مالك ولم يوجبها .
[ ص: 734 ] فأما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فإنه أوجبها ; لأن الكفارة عنده واجبة في العمد والخطأ . وأما
أبو حنيفة فإنه غلب عليه حكم العمد ، والكفارة لا تجب عنده في العمد . وأما
مالك فلما كانت الكفارة لا تجب عنده في العمد وتجب في الخطأ ، وكان هذا مترددا عنده بين العمد والخطأ استحسن فيه الكفارة ولم يوجبها .