ويا ذا القدرة القديمة الباهرة ، والقوة العظيمة القاهرة ، ويا سلطان الدنيا والآخرة ، وجامع الإنس والجان .
قوله : " ويا ذا القدرة القديمة الباهرة ، والقوة العظيمة القاهرة ، ويا سلطان الدنيا والآخرة ، وجامع الإنس والجان " .
لما كان المرغوب فيه إلى الله سبحانه وتعالى هاهنا هو التوفيق والتسديد للتحقيق ، والعصمة من الزلل ، والحراسة من الخلل ، ناسب أن يوصف الله سبحانه وتعالى ، ويثنى عليه بالقدرة ، والقوة والسلطنة العامة ، التي يتحقق بها المرغوب المذكور .
والقدرة : صفة قائمة بالذات يتحقق بها اختراع الموجودات ، والقديمة : التي لا مبدأ لها في الزمان ، بل قارن وجودها وجود الذات ، والباهرة : الغالبة ، أي : غلبت قدرته سبحانه وتعالى كل مقدور حتى انقاد لها وهو ذليل مقهور ، يقال : بهر القمر : إذا أضاء وغلب ضوؤه ضوء الكواكب ، وبهر فلان فلانا : إذا غلبه ، وبهرت فلانة النساء : غلبتهن حسنا ، وبهره الحمل : غلبه حتى تتابع نفسه ، وهو اللهث .
وهي في التحقيق والأمر العام : معنى يتحقق به قهر الأضداد ، وفعل ما يستصعب في عرف المخلوقين ، يقال : فلان قوي على قمع عدوه ، وعلى رفع الحمل الثقيل ، وحكى الله سبحانه وتعالى عن أصحاب بلقيس أنهم قالوا : نحن أولو قوة وأولو بأس [ ص: 62 ] شديد [ النمل : 33 ] ، والله سبحانه وتعالى لا يغالبه عدو أو مضاد إلا قهره وقمعه ، ولا يريد فعل شيء - وإن استصعبه المخلوقون - إلا هان عليه ، وكيف لا يهون وهو إذا أراد شيئا قال له : كن فيكون ، غير أن قوة الله سبحانه وتعالى وتأثيرها ليست كقوة المخلوقين وتأثيرها ، لأن المخلوق إنما تؤثر قوته بواسطة العلاج ، والله سبحانه وتعالى منزه عن العلاج والمزاج ، كما قال nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون المصري : موجود بلا مزاج ، فعال بلا علاج .
والسلطان : الوالي ، وجمعه : سلاطين ، وهو فعلان من السلاطة ، وهي القهر ، وقد سلطه الله فتسلط .