[ ص: 188 ] الثامنة : الراوي ؛ إما صحابي ، أو غيره .
فالصحابي لألفاظ روايته مراتب ، أقواها أن يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول ، أو حدثني ، أو أخبرني ، أو أنبأني ، أو شافهني ، وهو الأصل في الرواية ، لعدم احتماله .
المسألة " الثامنة : الراوي : إما صحابي أو غيره " ، إلى آخره ، هذا بيان مراتب الرواية ، وألفاظ الرواة ؛ لأن بيان ذلك ضروري ، لاختلال الأحكام باختلافه ، وقسمة الراوي إلى صحابي وغيره قسمة صحيحة ؛ لأن الراوي ؛ إما أن يكون قد سمع من النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أو رآه ، أو لا ، والأول الصحابي ، والثاني غيره .
أقواها : أن يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول ، أو حدثني رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أو أخبرني ، أو أنبأني ، أو شافهني فهذا كله سواء ، وهو الأصل في الرواية ، لعدم احتماله " ، يعني : الواسطة ، لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=1022137نضر الله امرأ سمع مقالتي فأداها كما سمعها . الحديث . نعم ، بين سمعت ، وحدثني ، وأخواتها فرق ، وهو أن حدثني ونحوه : يكون الراوي مقصودا بالحديث ولا بد ، على ظاهر اللفظ ، بخلاف سمعته يقول ، إذ لا يلزم أن يكون الراوي مقصودا بالحديث ، بل جاز أن [ ص: 189 ] الحديث لغيره ، وسمعه هو ، كما في شهادة المستخفي .
قوله : ثم : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أي : قول الصحابي رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كذا ، هو في القوة بعد قوله : سمعت ، لكن حكمه حكم قوله : سمعت ، وحدثني ، في أنه محمول على السماع لإشعاره به ظاهرا ، وعدم تدليس الصحابة ، أي : حكم قوله : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حكم قوله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لوجهين :
أحدهما : أن اللفظ ، أي : لفظ قال ، مشعر بأنه سمع منه في ظاهر الحال .
الثاني : لعدم تدليس الصحابة ، إذ لو كان سماعه بواسطة ، مع قوله : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، المشعر ظاهرا بالسماع ، لكان ذلك تدليسا وتلبيسا على الناس ، والصحابة لا يفعلون ذلك .
قوله : " لكنه دونه " ، أي : لكن قوله : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، دون قوله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، " في القوة ، لاحتمال الواسطة " ، في قوله : قال ؛ لأن قوله : قال ، هو إسناد القول إلى القائل ، وهو أعم من أن يكون بواسطة أو عدمها ، وذلك كسماع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه من nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=1022135من أصبح جنبا فلا صوم له ، ثم رواه nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بلفظ : قال ، أو بلفظ يوهمه . وكسماع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، من nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد رضي الله عنهم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=1022136إنما الربا في النسيئة ، ثم رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كذلك ، ثم لما سئل nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس عن حديثيهما ، بينا ممن سمعا ، ولهذا ذهب القاضي أبو بكر إلى أن قول الصحابي العدل : قال [ ص: 190 ] رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لا يدل على سماعه منه ، بل هو محتمل متردد ، والأكثرون على خلافه لما مر .
قلت : مما يقوي قول القاضي ، أن أبا بكر المروزي روى في كتاب العلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : كان عطاء يقول : قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛ فنقول : سمعته ؟ فيقول : خرج به أصحابه إلينا .
قلت : والتدليس الموهم حرام على الصحابة وغيرهم ، وإذا جاز وقوع ذلك من التابعين ، جاز من الصحابة .