[ ص: 213 ] ولا يروي عن شيخه ما شك في سماعه منه ، إذ هو شهادة عليه ؛ فلو شاع المشكوك فيه في مسموعاته ، ولم تتميز ، لم يرو شيئا منها ، لجواز كون المشكوك فيه كلا منها ، فإن ظن أنه واحد منها بعينه ، أو أن هذا الحديث مسموع له ؛ ففي جواز الرواية اعتمادا على الظن خلاف .
قوله : " ولا يروي عن شيخه ما شك في سماعه منه " ، يعني : الراوي إذا شك ، هل سمع هذا الكتاب أو الحديث من شيخه ، لم يجز له أن يرويه عنه ؛ لأن روايته عنه شهادة عليه ، وشهادته عليه لا تجوز مع الشك والتردد ، بل لا بد فيها من الجزم والعلم ؛ فلو شاع الحديث المشكوك في سماعه في مسموعات الراوي ، ولم تتميز ، فلم يعلم : هل هو هذا الحديث أو هذا ؟ أو هل هو هذا الكتاب أو هذا ؟ لم يرو شيئا من مسموعاته ، لجواز أن يكون المشكوك في سماعه كل واحد من الأحاديث أو الكتب التي هي سماعه ، لما سبق من أن الرواية شهادة ، وهي تعتمد العلم لا الشك .
قوله : " فإن ظن أنه واحد منها بعينه ، أو أن هذا الحديث مسموع له ؛ ففي جواز الرواية اعتمادا على الظن خلاف " ، هذه مسألتان :
[ ص: 214 ] إحداهما متعلقة بما قبلها ، وهي ما إذا شاع الحديث أو الكتاب المشكوك في سماعه في بقية مسموعاته ، ولم يعلم عينه ، لكنه غلب على ظنه أنه واحد منها بعينه ، هذا أو هذا أو هذا ؛ ففي جواز روايته قولان للناس :
أحدهما : يجوز اعتمادا على الظن ، وهو مناط العمل .
والثاني : لا يجوز لانتفاء العلم قياسا على الشهادة .
المسألة الثانية : ظن أن هذا الحديث مسموع له ، ولم يتحققه ؛ ففيه القولان .