[ ص: 605 ] الأول : ففهمناها سليمان ولولا تعين الحق في جهة لما خص بالتفهيم ، ولولا سقوط الإثم عن المخطئ لما مدح داود بـ كلا آتينا .
الثاني : لا غرض للشارع في تعيين حكم ، وإنما قصده تعبد المكلف بالعمل بمقتضى اجتهاده الظني ، وطلب الأشبه ، فإن أصابه أجر أجرين ، وإن أخطأه أجر للاجتهاد ، وفاته أجر الإصابة ، وتخصيص سليمان بالتفهيم لإصابته الأشبه ، لا لأن ثم حكما معينا هو مطلوب المجتهد .
قوله : " الثاني " ، أي : احتج الثاني وهو القائل : إن كل مجتهد في الفروع مصيب ، وليس هناك حكم مقصود ، بل المقصود ما أدى إليه ظن المجتهد ؛ بأن قال : " لا غرض للشارع في تعيين حكم دون حكم " لأن الغرض في [ ص: 606 ] ذلك إنما يكون لمن بعض الأشياء أولى به من بعض ، والشارع ليس كذلك . إذ هذا شأن من يلحقه النفع بفعل الأولى به ، والضرر بتركه ، والشارع بريء من ذلك ، " وإنما قصده تعبد المكلف بالعمل بمقتضى اجتهاده الظني ، وطلب الأشبه " بمقصود الشرع لو كان له مقصود معين ، فإذا اجتهد المكلف في طلب الأشبه ، " فإن أصابه أجر أجرين ، وإن أخطأه أجر للاجتهاد ، وفاته أجر الإصابة " .
قوله : " وتخصيص سليمان بالتفهيم " هذا جواب عن حجة الأول الذي زعم أن الحق معين ، وهو أن تخصيص سليمان بالتفهيم ، أي : بالإخبار ، أنه فهم الحكم " لإصابته الأشبه ، لا لأن ثم حكما معينا هو مطلوب للمجتهد " ، وقد فسرنا الأشبه ما هو .