[ ص: 713 ] والقياسي : إما من جهة الأصل أو العلة ، أو القرينة العاضدة :
أما الأول : فحكم الأصل الثابت بالإجماع ، راجح على الثابت بالنص لعصمة الإجماع ، والثابت بالقرآن ، أو تواتر السنة ، على الثابت بآحادها .
وبمطلق النص ، على الثابت بالقياس ، والمقيس على أصول أكثر على غيره ، لحصول غلبة الظن بكثرة الأصول ، كالشهادة ، خلافا للجويني ، والقياس على ما لم يخص على القياس المخصوص .
قوله : " والقياسي " ، أي : والترجيح القياسي ، يعني الواقع في الأقيسة ، لأنه قد سبق أن الترجيح ضربان : لفظي ، أي : واقع في الألفاظ . وقد انتهى الكلام فيه ، وقياسي ، أي : واقع في القياس ، والكلام الآن فيه . وهو " إما من جهة الأصل ، أو العلة ، أو القرينة العاضدة " ، أي : الترجيح العاضد للقياس إما من جهة أصله ، أو علته ، أو قرينة تقترن بأحد القياسين تعضده ، فيترجح على الآخر .
أحدها : أن " حكم الأصل الثابت بالإجماع راجح على الثابت بالنص لعصمة الإجماع " ، أي : إذا أمكن قياس الفرع على أصلين ; حكم أحدهما ثابت بالإجماع والآخر ثابت بالنص ; كان القياس على الأصل الثابت بالإجماع مقدما على القياس الثابت بالنص ، لأن الإجماع مقدم على النص ، فكذا ما [ ص: 714 ] ثبت به يكون مقدما على ما ثبت بالنص ، لعصمة الإجماع من الخطأ والنسخ بخلاف النص .
الوجه الثاني : حكم الأصل الثابت بالقرآن الكريم أو تواتر السنة ، راجح على حكم الأصل الثابت بآحاد السنة ، أي : بالسنة المروية بطريق الآحاد ، كما يقدم القرآن ، ومتواتر السنة على آحادها .
وقد استفيد من هذا أن الحكم الثابت بالقرآن لا يقدم على الثابت بتواتر السنة ، كما لا يقدم القرآن والسنة على تواتر السنة ، لاستوائهما كما سبق .
الوجه الثالث : حكم الأصل الثابت " بمطلق النص " راجح على حكم الأصل " الثابت بالقياس " ، كما يقدم مطلق النص على القياس ، والمراد بمطلق النص أنه سواء كان تواترا أو آحادا ، صحيحا أو حسنا مما ساغ العمل به شرعا .
الوجه الرابع : الحكم " المقيس على أصول أكثر " راجح " على غيره " ، أي : إذا تعددت الأصول في أحد القياسين وليس في القياس الآخر إلا أصل واحد ، مثل : إن أمكن قياس الفرع بجامع على أصول كثيرة ; وأمكن قياسه بجامع آخر على أصل واحد أو أصول أقل من أصول القياس الأول ; قدم القياس على الأصول الكثيرة لأن كثرتها شواهد للفرع بالصحة ، وما كثرت شواهده كان الظن بصحته أغلب ، كما يرجح أحد الخبرين بكثرة الرواة . وهذا معنى قوله : " لحصول غلبة الظن بكثرة الأصول ، كالشهادة " . يعني على قول من يرجح إحدى البينتين بكثرة العدد ، " خلافا للجويني " حيث حكي عنه ، أن أحد القياسين لا يرجح بكثرة الأصول .
[ ص: 715 ] الوجه الخامس : " القياس على " أصل " لم يخص " راجح على أصل مخصوص ، كما يرجح العام الباقي على عمومه على العام المخصوص .
وبالجملة : حكم أصل القياس حكم مستنده الذي ثبت به ، فما قدم من المستندات ، قدم ما ثبت به من أصول الأقيسة .