[ ص: 184 ] المسألة الرابعة
الأوصاف التي لا قدرة للإنسان على جلبها ولا دفعها بأنفسها على ضربين :
أحدهما : ما كان نتيجة عمل ، كالعلم والحب في نحو قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337491أحبوا الله لما أسدى إليكم من نعمه " .
والثاني : ما كان فطريا ولم يكن نتيجة عمل ، كالشجاعة ، والجبن ، والحلم ، والأناة المشهود بهما في
أشج عبد القيس ، وما كان نحوها .
فالأول ظاهر أن الجزاء يتعلق بها في الجملة ، من حيث كانت مسببات عن أسباب مكتسبة ، وقد مر في كتاب الأحكام أن الجزاء يتعلق بها وإن لم تدخل تحت قدرته ولا قصدها ، وكذلك أيضا يتعلق بها الحب والبغض ، على ذلك الترتيب .
والثاني وهو ما كان منها فطريا ينظر فيه من جهتين :
إحداهما : من جهة ما هي محبوبة للشارع أو غير محبوبة له .
والثانية : من جهة ما يقع عليها ثواب أو لا يقع ؟
فأما النظر الأول; فإن ظاهر النقل أن الحب والبغض يتعلق بها ، ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام
لأشج عبد القيس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337492إن فيك لخصلتين يحبهما [ ص: 185 ] الله : الحلم ، والأناة .
وفي بعض الروايات أخبره أنه مطبوع عليهما ، وفي بعض الحديث : " الشجاعة والجبن غرائز " .
[ ص: 186 ] وجاء :
إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية [ ص: 187 ] وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337494الأرواح جنود مجندة; فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ، وهذا معنى التحاب والتباغض ، وهو غير مكتسب .
وجاء في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337495وجبت محبتي للمتحابين في .
وقد حمل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يرفعه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337472المؤمن القوي خير وأحب إلى الله [ ص: 188 ] من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير على أن يكون المراد بالقوة شدة البدن وصلابة الأمر ، والضعف خلاف ذلك .
وجاء :
إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها .
[ ص: 189 ] وجاء :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337496يطبع المؤمن على كل خلق إلا الخيانة والكذب .
وقال تعالى :
خلق الإنسان من عجل [ الأنبياء : 37 ] .
وجاء في معرض الذم والكراهية ، ولذلك كان ضد العجل محبوبا وهو الأناة .
ولا يقال : إن الحب والبغض يتعلقان بما ينشأ عنهما من الأفعال; لأن ذلك : أولا : خروج عن الظاهر بغير دليل .
وثانيا : أنهما يصح تعلقهما بالذوات ، وهي أبعد عن الأفعال من الصفات; كقوله تعالى :
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه [ المائدة : 54 ] الآية .
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337497أحبوا الله لما غذاكم به من نعمه .
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337498و من الإيمان الحب في الله والبغض في الله .
[ ص: 190 ] ولا يسوغ في هذه المواضع أن يقال : إن المراد حب الأفعال فقط; فكذلك لا يقال في الصفات - إذا توجه الحب إليها في الظاهر - إن المراد الأفعال .