فصل
ومن هنا يعلم أن
كل خارقة حدثت أو تحدث إلى يوم القيامة فلا يصح ردها ولا قبولها إلا بعد عرضها على أحكام الشريعة ; فإن ساغت هناك فهي صحيحة مقبولة في موضعها ، وإلا لم تقبل إلا
الخوارق الصادرة على أيدي الأنبياء عليهم السلام ; فإنه لا نظر فيها لأحد لأنها واقعة على الصحة قطعا ، فلا يمكن فيها غير ذلك ، ولأجل هذا حكم
إبراهيم عليه السلام في ذبح ولده بمقتضى رؤياه ، وقال له ابنه :
يا أبت افعل ما تؤمر [ الصافات : 102 ] ، وإنما النظر فيما انخرق من العادات على يد غير المعصوم .
[ ص: 482 ] وبيان عرضها أن تفرض الخارقة واردة من مجاري العادات ، فإن ساغ العمل بها عادة وكسبا ; ساغت في نفسها ، وإلا فلا ; كالرجل يكاشف بامرأة أو عورة بحيث اطلع منها على ما لا يجوز له أن يطلع عليه وإن لم يكن مقصودا له ، أو رأى أنه يدخل على فلان بيته وهو يجامع زوجته ويراه عليها ، أو يكاشف بمولود في بطن امرأة أجنبية بحيث يقع بصره على بشرتها أو شيء من أعضائها التي لا يسوغ النظر إليها في الحس ، أو يسمع نداء يحس فيه بالصوت والحرف ، وهو يقول : " أنا ربك " ،
أو يرى صورة مكيفة مقدرة تقول له : " أنا ربك " ، أو يرى ويسمع من يقول له : قد أحللت لك المحرمات ، وما أشبه ذلك من الأمور التي لا يقبلها الحكم الشرعي على حال ، ويقاس على هذا ما سواه ، وبالله التوفيق .