[ ص: 23 ] المسألة الثانية :
قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقا لقصده في التشريع والدليل على ذلك ظاهر من وضع الشريعة ، إذ قد مر أنها موضوعة
[ ص: 24 ] لمصالح العباد على الإطلاق والعموم والمطلوب من المكلف أن يجري على ذلك في أفعاله ، وأن لا يقصد خلاف ما قصد الشارع ولأن المكلف خلق لعبادة الله وذلك راجع إلى العمل على وفق القصد في وضع الشريعة ، هذا محصول العبادة ، فينال بذلك الجزاء في الدنيا والآخرة .
وأيضا فقد مر أن
قصد الشارع المحافظة على الضروريات وما رجع إليها من الحاجيات والتحسينيات وهو عين ما كلف به العبد فلا بد أن يكون مطلوبا بالقصد إلى ذلك ، وإلا لم يكن عاملا على المحافظة لأن الأعمال بالنيات ، وحقيقة ذلك أن يكون خليفة الله في إقامة هذه المصالح بحسب طاقته
[ ص: 25 ] ومقدار وسعه ، وأقل ذلك خلافته على نفسه ثم على أهله ثم على كل من تعلقت له به مصلحة ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337631كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
وفى القرآن الكريم
آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه [ الحديد : 7 ] .
وإليه يرجع قوله تعالى :
إني جاعل في الأرض خليفة [ البقرة : 30 ] .
وقوله :
ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون [ الأعراف : 129 ] .
وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم [ الأنعام : 165 ] .
والخلافة عامة وخاصة حسبما فسرها الحديث حيث قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337632الأمير راع والرجل راع على أهل بيته ، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
وإنما أتى بأمثلة تبين أن الحكم كلي عام غير
[ ص: 26 ] مختص فلا يتخلف عنه فرد من أفراد الولاية عامة كانت أو خاصة ، فإذا كان كذلك فالمطلوب منه أن يكون قائما مقام من استخلفه ، يجري أحكامه ومقاصده مجاريها ، وهذا بين .