فصل
وأما إذا وقع
الترجيح بذكر الفضائل والخواص والمزايا الظاهرة التي يشهد بها الكافة ، فلا حرج فيه ، بل هو مما لا بد منه في هذه المواطن ، أعني : عند الحاجة إليه ، وأصله من الكتاب قول الله تعالى :
تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض الآية [ البقرة : 253 ] ، فبين أصل التفضيل ، ثم ذكر بعض الخواص والمزايا المخصوص بها بعض الرسل .
وقال تعالى :
ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا [ الإسراء : 55 ] وفي الحديث من هذا كثير ، كقوله
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337958لما سئل : من أكرم الناس ؟ فقال : أتقاهم ، فقالوا : ليس عن هذا نسألك ، قال : فيوسف نبي الله ابن نبي الله [ ص: 292 ] ابن نبي الله ابن خليل الله ، قالوا : ليس عن هذا نسألك ، قال : فعن معادن العرب تسألوني ؟ : خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا .
وقال - عليه الصلاة والسلام - : بينما
موسى في ملأ من
بني إسرائيل جاءه رجل ، فقال : هل تعلم أحدا أعلم منك ؟ قال : لا ، فأوحى الله إليه : بلى ، عبدنا
خضر .
وفي رواية : أن
موسى قام خطيبا في
بني إسرائيل ، فسئل : أي الناس أعلم ؟ قال : أنا ، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه ، قال له : بلى ، لي عبد بمجمع البحرين هو أعلم منك الحديث .
[ ص: 293 ] واستب رجل من المسلمين ورجل من
اليهود ، فقال المسلم : والذي اصطفى
محمدا على العالمين ، في قسم يقسم به ، فقال اليهودي : والذي اصطفى
موسى على العالمين . . إلى أن قال - عليه الصلاة والسلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337959لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق ، فإذا موسى آخذ بجانب العرش ، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق ، أو كان ممن استثنى الله وفي رواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337956 " لا تفضلوا بين الأنبياء ، فإنه ينفخ في الصور " الحديث .
فهذا نفي للتفضيل مستند إلى دليل ، وهو دليل على صحة التفضيل في الجملة إذا كان ثم مرجح ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337960كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم ابنة عمران ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام [ ص: 294 ] وقال للذي قال له : يا خير البرية : " ذاك
إبراهيم " .
وقال في الحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337961 " أنا سيد ولد آدم " .
وأشباهه مما يدل على تفضيله على سائر الخلق ، وليس النظر هنا في وجه التعارض بين الحديثين ، وإنما النظر في صحة التفضيل ، ومساغ الترجيح على الجملة ، وهو ثابت من الحديثين ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337348 " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : " كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنخير
أبا بكر ثم
عمر ثم
عثمان " .
[ ص: 295 ] وقال
عثمان للرهط القرشيين الثلاثة ، وهم
عبد الله بن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=74وسعيد بن العاص ، nindex.php?page=showalam&ids=16334وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام : " إذا اختلفتم أنتم
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان
قريش ، فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا ذلك .
وقال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337470خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ، ثم بنو الحارث بن الخزرج ، ثم بنو ساعدة ، وفي كل دور الأنصار خير .
وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337962أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأعلمهم بالحلال والحرام nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل ، وأفرضهم nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، وأقرؤهم nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، ولكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة nindex.php?page=showalam&ids=5أبو عبيدة ابن الجراح .
[ ص: 296 ] وقال
عبد الرحمن بن يزيد : سألنا
حذيفة عن رجل قريب السمت والهدي من النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نأخذ عنه ، فقال : ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن أم عبد .
[ ص: 297 ] ولما حضر
معاذا الوفاة ، قيل له : يا
أبا عبد الرحمن أوصنا ، قال : أجلسوني ، قال : إن العلم والإيمان مكانهما ، من ابتغاهما وجدهما - يقول ذلك ثلاث مرات - والتمسوا العلم عند أربعة رهط ، عند
nindex.php?page=showalam&ids=4عويمر أبي الدرداء ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام . . الحديث .
وقال - عليه الصلاة والسلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337963اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر .
[ ص: 298 ] وما جاء في الترجيح والتفضيل كثير ؛ لأجل ما ينبني عليه من شعائر الدين ، وجميعه ليس فيه إشارة إلى تنقيص المرجوح ، وإذا كان كذلك فهو القانون اللازم ، والحكم المنبرم الذي لا يتعدى إلى سواه ، وكذلك فعل السلف الصالح .