فصل
- ومنها : أن
المسببات قد تكون خاصة ، وقد تكون عامة ، ومعنى كونها خاصة : أن تكون بحسب وقع السبب ، كالبيع المتسبب به إلى إباحة الانتفاع بالمبيع ، والنكاح الذي يحصل به حلية الاستمتاع ، والذكاة التي بها يحصل حل الأكل ، وما أشبه ذلك ، وكذلك جانب النهي ، كالسكر الناشئ عن شرب الخمر ، وإزهاق الروح المسبب عن حز الرقبة .
وأما العامة ; فكالطاعة التي هي سبب في الفوز بالنعيم ، والمعاصي التي هي سبب في دخول الجحيم ، وكذلك أنواع المعاصي التي يتسبب عنها فساد في الأرض ، كنقص المكيال والميزان المسبب عنه قطع الرزق ، والحكم بغير الحق الناشئ عنه الدم ، وختر العهد الذي يكون عنه تسليط العدو ، والغلول الذي يكون عنه قذف الرعب ، وما أشبه ذلك ، ولا شك أن أضداد
[ ص: 369 ] [ ص: 370 ] [ ص: 371 ] هذه الأمور يتسبب عنها أضداد مسبباتها .
فإذا نظر العامل فيما يتسبب عن عمله من الخيرات أو الشرور ، اجتهد في اجتناب المنهيات ، وامتثال المأمورات ، رجاء في الله وخوفا منه ، ولهذا جاء الإخبار في الشريعة بجزاء الأعمال ، وبمسببات الأسباب ، والله أعلم بمصالح عباده ، والفوائد التي تنبني على هذه الأصول كثيرة .