[ ص: 36 ] [ ص: 37 ] كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية أو لا تكون عونا في ذلك ; فوضعها في أصول الفقه عارية .
والذي يوضح ذلك أن هذا العلم لم يختص بإضافته إلى الفقه إلا لكونه مفيدا له ، ومحققا للاجتهاد فيه ، فإذا لم يفد ذلك فليس بأصل له ، ولا يلزم على هذا أن يكون كل ما انبنى عليه فرع فقهي من جملة أصول الفقه ، وإلا أدى ذلك إلى أن يكون سائر العلوم من أصول الفقه ; كعلم النحو ، واللغة ، والاشتقاق ، والتصريف ، والمعاني ، والبيان ، والعدد ، والمساحة ، والحديث ، وغير ذلك من العلوم التي يتوقف عليها تحقيق الفقه ، وينبني عليها من مسائله ، وليس كذلك ; فليس [ كل ما يفتقر إليه الفقه يعد من أصوله ، وإنما اللازم أن كل أصل يضاف إلى الفقه لا ينبني عليه فقه - فليس ] بأصل له .
[ ص: 38 ] وعلى هذا يخرج عن أصول الفقه كثير من المسائل التي تكلم عليها المتأخرون وأدخلوها فيها ; كمسألة ابتداء الوضع ، ومسألة الإباحة ; هل هي تكليف أم لا ، ومسألة أمر المعدوم ، ومسألة هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - متعبدا بشرع أم لا ، ومسألة لا تكليف إلا بفعل ، كما أنه لا ينبغي أن يعد منها ما ليس منها ، ثم البحث فيه في عمله وإن انبنى عليه الفقه ، كفصول كثيرة من النحو ، نحو معاني الحروف ، وتقاسيم الاسم والفعل والحرف ، والكلام على الحقيقة والمجاز ، وعلى المشترك والمترادف ، والمشتق ، وشبه ذلك .
غير أنه يتكلم من الأحكام العربية في أصول الفقه على مسألة هي عريقة
[ ص: 39 ] في الأصول ، وهي أن
القرآن [ الكريم ليس فيه من طرائق العجم شيء ، وكذلك السنة ، وأن القرآن ] عربي ، والسنة عربية ، لا بمعنى أن القرآن يشتمل على ألفاظ أعجمية في الأصل أو لا يشتمل ; لأن هذا من علم النحو واللغة ، بل بمعنى أنه في ألفاظه ومعانيه وأساليبه عربي ، بحيث إذا حقق هذا التحقيق سلك به في الاستنباط منه والاستدلال به مسلك كلام العرب في تقرير معانيها ومنازعها في أنواع مخاطباتها خاصة ; فإن كثيرا من الناس يأخذون أدلة القرآن بحسب ما يعطيه العقل فيها ، لا بحسب ما يفهم من طريق الوضع ، وفي ذلك فساد كبير وخروج عن مقصود الشارع ، وهذه مسألة مبينة في كتاب المقاصد ، والحمد لله .