الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وهو عندما يحكم ويقضي إنما يفعل ذلك عن علم وحكمة قد نعلمها وقد نجهلها، وما على المؤمن إلا أن يرضى ويسلم، والله جلت قدرته يبتلي عباده بما شاء من أنواع البلاء، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}، وعلى المؤمن أن يصبر ويرضى بأمر الله تعالى، وأن يبصر الرحمة من خلال البلاء، فإن كان العبد قائماً بأمر الله، متمسكاً بشرعه مستقيماً على دينه فيرجى أن يكون ما أصابه من مصائب رفعة له في الدرجات، ومثقلاً لموازين حسناته، ففي الحديث الشريف: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. رواه البخاري.
وإن كان العبد مقيماً على معصية الله مفرطاً في دينه لاهياً عابثاً، فقد تكون المصائب والآفات التي يبتلى بها تنبيها له من الله ليتوب ويرجع قبل فوات الأوان، وقد تكون عقوبة له في الدنيا نظير ظلمه لنفسه.. وعلى المسلم أن يعلم أن الابتلاء سنة الحياة، وكم من الناس لما ابتلي بالمرض رجع إلى الله وتضرع بين يديه، ولما رزقه الله الصحة تنكر لمولاه العظيم رب السموات والأرض وأقبل على المعاصي والسيئات.
ولا شك أن رحمتك وشفقتك على المبتلين أمر محمود فالرحمة من محاسن الأخلاق التي فطر الله عباده عليها، كما أن من علامات حياة القلب التفكير في الآخرين، والاهتمام بأمورهم، روى أحمد ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
وروى أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
ولا حرج في بكائك عند رؤية من ابتلاه الله تعالى، ولكن يجب أن تحذري أن يكون في ذلك اعتراض على قدر الله عز وجل أو إيذاء للمبتلين.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35559، 13270، 13849، 69389، 93720، 103286.
والله أعلم.