الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعض الحكم من الابتلاء بالمصائب

السؤال

والدي تاجر يملك بعض العقارات ويعمل عنده عمال مسلمون وبعضهم غير مسلم وتعود علينا هذه العقارات بالنفع الكثير والحمد لله.. وكان الحال طيبا منذ أكثر من سنتين تقريباً... ولكن قبل حوالي خمسه أشهر بدأت بعض الأمور تسوء وتخترب الكثير من المعدات إلى أن أتى صباح يوم وجاءت الأخبار أن أحد سائقي الشاحنات توفي وهذا السائق باكستاني مسلم وتم عمل الإجراءات وتسفير جثمانه... وكذلك كان سائق شاحنة آخر مسلم أيضاً ذاهباً بالمواد إلى مدينة أخرى وحصل له حادث مع سيارة صغيرة (وكـــان الخطأ على السيارة الصغيرة) وتوفي رجل من هذه السيارة.. ولكن حدث ضرر كبير في الشاحنة... وإلى هذه اللحظة تحصل الكثير من المشاكل في هذه العقارات.. مع العلم بأن والدي ووالدتي يحافظون على الفرائض والسنن ويتصدقون ويعملون الخير دائما.. والحمد لله، لكن بالنسبة لوالدي فرغم أنه يعمل الخير إلا أنه في بعض الأحيان يشرب الخمر... أما في شهر رمضان فهو لم يقرب الخمر أبدا.. حتى هذا اليوم الذي كتبت فيه هذه الرسالة... ادعو له بالهداية... أثابكم الله أفتوني في هذا جزاكم الله خيراً، لأننا تحيرنا كثيراً فلا نعرف أهذه عين أم حسد أم ابتلاء من الله سبحانه وتعالى أم ماذا؟ أجيبوني جزاكم الله كل الخير... ودلوني على الحل الأمثل, بارك الله فيكم وأحسن إليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمصائب التي تصيب الناس في الدنيا لها حالات:

فإن كان العبد قائماً بأمر الله، متمسكا بشرعه، مستقيما على دينه، فيرجى أن يكون ما أصابه من مصائب رفعة له في الدرجات، ومثقلا لموازين حسناته، ففي الحديث الشريف: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل.... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. رواه البخاري.

وإن كان العبد مقيما على معصية الله، مفرطا في دينه، لاهيا عابثاً، فقد تكون المصائب والآفات التي يبتلى بها تنبيها له من الله ليتوب ويرجع قبل فوات الأوان، وقد تكون عقوبة له في الدنيا نظير ظلمه لنفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.... رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وحسنه السيوطي.

وعليه.. فلا يبعد أن تكون تلك الابتلاءات التي لحقت بكم، والمشاكل التي تصيب عقاراتكم وأملاككم هي من جراء ما ذكرته عن أبيك من شرب الخمر، فإن الخمر أم الخبائث وشربها من كبائر الذنوب والآثام، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90}.

وفي معجم الطبراني الأوسط عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخمر أم الخبائث، فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يوماً، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية. والحديث حسن.

فعليك أن تنصحي أباك بالابتعاد عما حرمه الله، فإن ما ذكرت أنكم فيه من النعم يستوجب عليكم الشكر لله بصرف نعمه فيما يرضيه، لا أن يستعان بها في معصية الله، فإن ذلك كفران للنعم، وإن كنت تظنين أن الذي ألمَّ بكم هو من الحسد والعين، فلك أن تراجعي في علاج ذلك فتوانا رقم: 32262، ونسأل الله الهداية لأبيك ولعامة المسلمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني