الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان : [ ص: 347 ] الشيخ عبد الرحمن بن أبي محمد بن محمد بن سلطان القرامزي ، أحد المشاهير بالعبادة والزهادة ، وملازمة الجامع الأموي ، وكثرة التلاوة والذكر ، وله أصحاب يجلسون إليه ، وله مع هذا ثروة وأملاك ، توفي في مستهل المحرم عن خمس أو ست وثمانين سنة ، ودفن بباب الصغير ، وكان قد سمع الحديث ، واشتغل بالعلم ، ثم ترك ذلك واشتغل بالعبادة إلى أن مات .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الملك المؤيد صاحب حماة عماد الدين إسماعيل ابن الملك الأفضل نور الدين علي ابن الملك المظفر تقي الدين محمود ابن الملك المنصور ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب ، كانت له فضائل كثيرة في علوم متعددة من الفقه ، والهيئة ، والطب ، وغير ذلك ، وله مصنفات عديدة ، منها تاريخ حافل حسن مختصر في مجلدين ، وله العروض والأطوال والكلام على البلدان في مجلد كبير ، وله نظم " الحاوي " ، وغير ذلك ، وكان يحب العلماء ويشاكلهم ، ويشاركهم في فنون كثيرة ، وكان من فضلاء بني أيوب ، وولي ملك حماة من سنة إحدى وعشرين إلى هذا الحين ، وكان الملك الناصر يكرمه ويعظمه ، وولي بعده في الملك ولده الأفضل علي ، توفي سحر يوم الخميس ثامن عشرين المحرم ، ودفن ضحوة عند والديه بظاهر حماة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      القاضي الإمام تاج الدين أبو القاسم عبد الغفار بن محمد بن [ ص: 348 ] عبد الكافي بن عوض بن سنان بن عبد الله السعدي الفقيه الشافعي ، سمع الكثير ، وخرج لنفسه معجما في ثلاث مجلدات ، وقرأ بنفسه الكثير ، وكتب الخط الجيد ، وكان متقنا عارفا بهذا الشأن ، يقال : إنه كتب بخطه نحوا من خمسمائة مجلد ، وقد كان شافعيا مفتيا ، ومع هذا ناب في وقت عن القاضي الحنبلي ، وولي مشيخة الحديث بالمدرسة الصاحبية ، وتوفي بمصر في مستهل ربيع الأول عن ثنتين وثمانين سنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ رضي الدين إبراهيم بن سليمان المنطيقي الحنفي ، أصله من آب كرم من بلاد قونية ، وأقام بحماة ثم بدمشق ، ودرس بالقيمازية ، وكان فاضلا في المنطق والجدل ، واشتغل عليه جماعة في ذلك ، وبلغ من العمر ستا وثمانين سنة ، وحج سبع مرات ، توفي ليلة الجمعة سادس عشرين ربيع الأول ، وصلي عليه بعد الصلاة ، ودفن بالصوفية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ربيع الأول توفي الإمام علاء الدين طيبغا ، ودفن بتربته بالصالحية ، وكذلك الأمير سيف الدين دولات ، ودفن بتربته أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قاضي القضاة شرف الدين أبو محمد عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن [ ص: 349 ] الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي ، ولد سنة ست وأربعين وستمائة ، وسمع الحديث ، واشتغل ، وحصل ، وكانت له معرفة جيدة في اللغة والحديث ، وباشر نيابة ابن مسلم مدة ، ثم ولي القضاء في السنة الماضية ، ثم كانت وفاته فجأة في مستهل جمادى الأولى ليلة الخميس ، ودفن من الغد بتربة الشيخ أبي عمر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ ياقوت الحبشي الشاذلي الإسكندراني ، بلغ الثمانين ، وكان له أتباع وأصحاب منهم; شمس الدين بن اللبان الفقيه الشافعي ، وكان يعظمه ويطريه ، وينسب إليه مبالغات ، الله أعلم بصحتها وكذبها ، توفي في جمادى ، وكانت جنازته حافلة جدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      النقيب ناصح الدين محمد بن عبد الرحيم بن قاسم بن إسماعيل الدمشقي ، نقيب المتعممين ، تتلمذ أولا للشهاب المقرئ ثم كان بعده في المحافل للعزاء والهناء ، وكان يعرف هذا الفن جيدا ، وكان كثير الطلب من الناس ، ويطلبه الناس لذلك ، ومع هذا مات وعليه ديون كثيرة ، توفي في أواخر رجب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      القاضي فخر الدين كاتب المماليك ، وهو محمد بن فضل الله ناظر [ ص: 350 ] الجيوش بمصر ، أصله قبطي ، فأسلم وحسن إسلامه ، وكانت له أوقاف كثيرة ، وبر وإحسان إلى أهل العلم ، وكان صدرا معظما ، حصل له من السلطان حظ وافر ، وقد جاوز السبعين ، وإليه تنسب الفخرية بالقدس الشريف ، توفي في نصف رجب ، واحتيط على أمواله وأملاكه بعد وفاته ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير سيف الدين ألجاي الدودار الملكي الناصري ، كان فقيها حنفيا فاضلا ، كتب بخطه ربعة ، وحصل كتبا كثيرة معتبرة ، وكان كثير الإحسان إلى أهل العلم ، توفي في سلخ رجب ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الطبيب الماهر الحاذق الفاضل أمين الدين سليمان بن داود بن سليمان ، كان رئيس الأطباء بدمشق ، ومدرسهم مدة ، ثم عزل بجمال الدين بن الشهاب الكحال مدة قبل موته; لأمر تغضب عليه فيه نائب السلطنة ، توفي يوم السبت سادس عشرين شوال ، ودفن بالقبيبات .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الإمام العالم المقرئ شيخ القراء برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل الجعبري ثم الخليلي الشافعي ، صاحب المصنفات الكثيرة في القراءات وغيرها ، ولد سنة أربعين وستمائة بقلعة جعبر ، واشتغل ببغداد ، ثم قدم دمشق ، وأقام ببلد الخليل نحوا من أربعين سنة يقرئ [ ص: 351 ] الناس ، وشرح " الشاطبية " ، وسمع الحديث ، وكانت له إجازة من يوسف بن خليل الحافظ ، وصنف في العربية ، والعروض ، والقراءات ، نظما ونثرا ، وكان من المشايخ المشهورين بالفضائل والرياسة ، والخير ، والديانة ، والعفة ، والصيانة ، توفي يوم الأحد خامس شهر رمضان ، ودفن ببلد الخليل تحت الزيتونة ، وله ثنتان وتسعون سنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قاضي القضاة علم الدين أبو عبد الله محمد ابن القاضي شمس الدين أبي بكر بن عيسى بن بدران بن رحمة الأخنائي السعدي المصري الشافعي ، الحاكم بدمشق وأعمالها ، كان عفيفا نزها ذكيا ، ساد العبارة ، محبا للفضائل ، معظما لأهلها ، كثيرا لإسماع الحديث في العادلية الكبيرة ، توفي يوم الجمعة ثالث عشر ذي القعدة ، ودفن بسفح قاسيون عند زوجته تجاه تربة العادل كتبغا من ناحية الجبل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قطب الدين موسى بن أحمد بن الحسين ابن شيخ السلامية ، ناظر الجيوش الشامية ، كانت له ثروة وأموال كثيرة ، وله فضل وإفضال ، وكرم وإحسان إلى أهل الخير ، وكان مقصدا في المهمات ، توفي يوم الثلاثاء ثاني ذي الحجة وقد جاوز السبعين ، ودفن بتربته تجاه الناصرية بقاسيون ، وهو والد الشيخ الإمام العلامة عز الدين حمزة مدرس الحنبلية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية