الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأما أيمان القسامة مع وجود اللوث ، فقد قال بعض أهل العلم بوجوب القصاص بها ، وخالف في ذلك بعضهم .

                                                                                                                                                                                                                                      فممن قال بوجوب القود بالقسامة : مالك وأصحابه ، وأحمد ، وهو أحد قولي الشافعي ، وروي عن ابن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز ، والظاهر أن عمر بن عبد العزيز رجع عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وبه قال أبو ثور ، وابن المنذر ، وهو قول الزهري ، وربيعة ، وأبي الزناد ، والليث ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وداود .

                                                                                                                                                                                                                                      وقضى بالقتل بالقسامة عبد الملك بن مروان ، وأبوه مروان ; وقال أبو الزناد : قلنا [ ص: 130 ] بها وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون ، إني لأرى أنهم ألف رجل ، فما اختلف منهم اثنان .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن حجر ( في فتح الباري ) : إنما نقل ذلك أبو الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت ; كما أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه ، وإلا فأبو الزناد لا يثبت أنه رأى عشرين من الصحابة فضلا عن ألف .

                                                                                                                                                                                                                                      وممن قال بأن القسامة تجب بها الدية ولا يجب بها القود : الشافعي في أصح قوليه ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وروي عن أبي بكر وعمر وابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم . وهو مروي عن الحسن البصري ، والشعبي ، والنخعي ، وعثمان البتي ، والحسن بن صالح ، وغيرهم . وعن معاوية : القتل بها أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                      وذهبت جماعة أخرى إلى أن القسامة لا يثبت بها حكم من قصاص ولا دية ، وهذا مذهب الحكم بن عتيبة ، وأبي قلابة ، وسالم بن عبد الله ، وسليمان بن يسار ، وقتادة ، ومسلم بن خالد ، وإبراهيم بن علية ، وإليه ينحو البخاري ، وروي عن عمر بن عبد العزيز باختلاف عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن عبد الملك بن مروان أنه ندم على قتله رجلا بالقسامة ، ومحا أسماء الذين حلفوا أيمانهم من الديوان ، وسيرهم إلى الشام ، قاله البخاري في صحيحه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية