الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فائدة

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن العربي المالكي : سمعت فتاة ببغداد تقول لجارتها : لو كان مذهب ابن عباس صحيحا في الاستثناء ما قال الله تعالى لأيوب : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث [ 38 \ 44 ] ، بل يقول استثن بإن شاء الله انتهى منه بواسطة نقل صاحب نشر البنود في شرح ، وقوله في مراقي السعود :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 256 ]

                                                                                                                                                                                                                                      بشركة وبالتوطي قالا بعض وأوجب فيه الاتصالا     وفي البواقي دون ما اضطرار
                                                                                                                                                                                                                                      وأبطلن بالصمت للتذكار

                                                                                                                                                                                                                                      فإن قيل : فما الجواب الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما نسب إليه من القول بصحة الاستثناء المتأخر .

                                                                                                                                                                                                                                      فالجواب أن مراد ابن عباس رضي الله عنهما أن الله عاتب نبيه على قوله إنه سيفعل كذا غدا ، ولم يقل إن شاء الله ، وبين له أن التعليق بمشيئة الله هو الذي ينبغي أن يفعل ; لأنه تعالى لا يقع شيء إلا بمشيئته ، فإذا نسي التعليق بالمشيئة ثم تذكر ولو بعد طول فإنه يقول إن شاء الله ، ليخرج بذلك من عهدة عدم التعليق بالمشيئة ، ويكون قد فوض الأمر إلى من لا يقع إلا بمشيئته ، فنتيجة هذا الاستثناء : هي الخروج من عهدة تركة الموجب للعتاب السابق ، لا أنه يحل اليمين لأن تداركها قد فات بالانفصال ، هذا هو مراد ابن عباس كما جزم به الطبري وغيره ، وهذا لا محذور فيه ولا إشكال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاب بعض أهل العلم بجواب آخر وهو : أنه نوى الاستثناء بقلبه ونسي النطق به بلسانه ، فأظهر بعد ذلك الاستثناء الذي نواه وقت اليمين ، هكذا قاله بعضهم ، والأول هو الظاهر ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية