آداب شبكة الإنترنت ولياقات التواصل عبرها

0 771

من يحضر جلسات النقاش والدردشة التي تجري عبر مواقع إنترنت عالمية وعربية ، يخال أن " الدنيا سايبة " ، لكنه يطمئن إلى أن الكم الهائل من اللغو المنتشر في الشبكة ، لا أثر فعليـا له في الحياة العامة ، غير تأجيج الكبت الذاتي ، فالكلام مهما بلغ يبقى كلامـا هباء في فضاء إلكتروني غير ملموس ، ما لم يكن معقولا بمرساة الواقع .

وفيما عدا الحلقات المحصورة بذوي اهتمامات مشتركة ، والتي تفرض على الدخلاء أنماط تعامل صارمة - يقتدون بها أو ينبذون - تخلو الشبكة من أي وازع .

حتى أن " نيتيكات"Netiquette مجموعة النصح والإرشادات السلوكية التي تحدد آداب التعامل ولياقاته في ملتقيات الشبكة المختلفة ، والتي تراكمت اصطلاحاتها بالممارسة ، ليست ملزمة في أي شكل من أشكال ، ويستحيل أن تكون كذلك .

وللحد من الابتذال الواضح ، لا تكفي الدعوة إلى " الاحترام المتبادل والابتعاد عن التشهير والتجريح " التي توضع عند " مداخل " المنتديات وغرف الدردشة ، فمنذ ظهورها ، سهلت الإنترنت على كثيرين انتحال صفة " مجهول " (لا يحاسب على شيء ) ، فاتخذوا من خفاياها " غرفـا مظلمة صماء " يبوحون فيها بما لا يجرءون عليه علانية .
ولعل نظرة سريعة إلى بعض الدردشات والنقاشات الدائرة وإلى بعض الرسائل الإلكترونية تؤكد هذا القول .

وهناك تطفو على السطح ركاكة اللغة ، واستسهال الكتابة ، وتفكك المضمون ، وزيغ التوجه ، أما في العمق فسخف وابتذال وجهالة وادعاء ، وحقد ، وازدراء لـ " لآخر" .

ولا يطاول هذا الكلام من لم يقم في الإنترنت ساترا يخفي وراءه فصامة فصرح عن نفسه ومكانه ، وأعلن أفعاله وأقواله وكثيرة هي الأمثلة على تلاقي أشخاص عبر الشبكة على أفكار ومشاريع وشركات ، وحتى على زواج عام على الشبكة المتبادلة مع الأخرى ، وعلى عدم الخوف من الاحتكاك بذاك الغريب المختلف ثقافة وموطنـا ، وقبوله مثلما هو - بقي زعمه صحيحــا - إلا أن تلك الأمثلة غيض ضئيل من فيض الترهات .

وفي كل هذا ، يبدو أن " نيتيكات " لا تعدو كونها محاولة لتضييق رقعة الاختلاف في الثقافة واللغة والطباع ، بين البشر المشبوكين من خلال اقتراح أساليب للتعبير والتعاطي مع الآخرين ، كتابة - أي غيابـا - بما يجنب المستخدمين الجديين الوقوع في شرك تباينات ، قد يجهلونها .
ومن هنا تشجع " نيتيكات " على التحلي بحسن الأخلاق - من خلال الاعتدال ورحابة الصدر - وبالحكمة - من خلال التمهل في الإجابة - وبالإدلاء بما قل ودل - وتحاشي الإيجاز الشديد - .

وقد توصل جامعوها إلى رصد بعض الممارسات غير المحبذة ، وتتلخص بالآتي :
- عدم البعث برسالة تطالب مستلمها بإرسالها إلى عدد من الأشخاص .
- عدم نشر الأخبار الكاذبة .
- وعدم نشر رسالة ذات طابع شخصي - من دون إذن مرسلها - .
- وعدم اشتراك في نقاشات حامية ، أو إثارة الفتن ، أو التحريض .
- فضلا عن عدم الكتابة بأحرف - لاتينية - كبيرة ، لئلا يفسر بأنها صريخ ، ويقابل ذلك بالعربية عدم الإكثار من النقاط الثلاث (…) ، لئلا يحار القارئ ، إذ يظن أن عليه ملء الفراغات كذلك ، رفعوا بعض التوصيات منها : ألا يتجاوز السطر (65) حرفـا ، وأن يضاف التوقيع مع الاسم ، والإحداثيات ، وأن يعكس سطر الموضوع مضمون الرسالة ، في وضوح ، وفي ملتقيات النقاش ، ينبغي إلقاء التحية عند الدخول والخروج ، ومتابعة ما سبق من آراء قبل التدخل ، وقراءة أصول التعامل التي تتقيد بها مجموعة معينة ويفضل الاطلاع على المحتويات المنشورة سابقـا ، تفاديـا للوقوع في التكرار .
ـــــــــــــ
المصدر : جريدة " الحياة " .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة