إفشاء الأسرار العدو الأول للحياة الزوجية

0 902

السعادة الزوجية حلم كل فتاة مخطوبة وهدف كل زوجة، وهي حلم وهدف يستحق أن نبذل فيه قصارى جهدنا، وحتى يؤتى هذا الجهد ثماره علينا أن نعي ما يحيط به من أخطاء وما يتهدده من أعداء، والكيس من اتعظ بغيره، فكم من بيوت غابت عنها السعادة رغم أن الزوجين بذلا وسعهما لتحقيقها لكنهما وقعا في أخطاء أذهبت جهودهما سدى.. لكي تحمي سعادتك احذري الأخطاء وتجنبي الأعداء.

و أحد أخطر هذه الأخطاء هو "إفشاء الأسرار"، فأسرار البيت أمانة يجب عليك المحافظة عليها وتفريطك بها يذهب ثقة زوجك بك، فاحذري أن تكون أسرار بيتك موضوعا لثرثرتك أو فضفضتك؛ كما قد يخيل إليك، ولا تظني أن صديقتك ستحفظ سرك الذي ضاق به صدرك، صدق الشاعر حين قال:

                     إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه                       فصدر الذي يستودع السر أضيق

وفوق هذا وقبله فإن حفظك لسر بيتك مطلب شرعي تتعبدين لله به، خصوصا علاقتك الخاصة بزوجك.. عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده فقال: لعل رجلا يقول ما يفعله بأهله ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها" فأرم القوم – أي سكتوا ولم يجيبوا – فقالت: إي والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون. قال: "فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة فغشيها والناس ينظرون".

ضرره أكثر من نفعه:

ويؤكد علماء النفس أن ترويح الزوجة عن نفسها بالفضفضة إلى صديقاتها ونشر أسرار بيتها غالبا ما يصنع من القلق أكثر مما يجلب من الراحة، صحيح أن الراحة قد تكون آنية وعاجلة لكن القلق حتما سيظهر بعد أن تنتشر هذه الأسرار وتجني الزوجة الندم والخسران، فلا أحد من الرجال يستريح لإفشاء أسرار حياته الزوجية، وقديما حذرت أمامة بنت الحارث ابنتها في وصيتها المشهورة قبل زواجها فقالت: "... فإن أفشيت سره فلن تأمني غدره...".

الأسرار أنواع ودرجات:

أسرار البيت ليست على درجة واحدة من الأهمية، فهناك أسرار العلاقة الخاصة بين الزوجين وهذه يجب أن تحتفظ بها الزوجة في بئر عميق داخل نفسها – وكذلك الزوج – وقد مر علينا تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من إفشاء هذه الأسرار.

وهناك الأسرار المتعلقة بالخلافات بين الزوجين، وهذه تقدر بقدرها، والزوجة العاقلة هي التي تحفظ هذه الأسرار ولا تنقل منها إلا ما يعالج المشكلة، ولكن ليس إلى صديقاتها أو قريباتها، بل إلى من تتوسم فيهم الحكمة ليحققوا النصيحة الإلهية: {فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما}[النساء:35].

ويجب ألا تبادر الزوجة إلى ذلك بمجرد حدوث المشكلة وألا تفعل ذلك مع كل صغيرة وكبيرة، فما أكثر المشكلات التي لا تحتاج إلى تدخل من أحد بل مجرد حنكة وصبر في الزوجة.

تقول إحدى الأمهات: تزوجت ابنتي منذ عشر سنوات، ما اشتكت إلي ولا إلى والدها من زوجها قط.. لم تخبرني أبدا عن مشكلة إلا بعد حلها، غاية ما كانت تطلبه مني الدعاء حتى أنني كنت أعرف أنها تواجه مشكلة عندما تلح علي في طلب الدعاء.

وهناك الأسرار المتعلقة بخصوصيات البيت وهذه أيضا لا يجوز نشرها حتى لا تصبح الأسرة كتابا مكشوفا أمام الآخرين.. قال تعالى: {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما}[التحريم:10] قال بعض المفسرين عن هذه الخيانة: إن امرأة نوح كانت تكشف سره فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، أما امرأة لوط فكانت إذا استضاف لوط أحدا أخبرت أهل المدينة ممن يعملون السوء حتى يأتوا ويفعلوا بهم الفاحشة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن مجلة الأسرة العدد رقم 156

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة