- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:ثقافة و فكر
من الوسائل الحديثة للإتصال والتواصل بين الناس، والتي انتشرت وذاعت البريد الإلكتروني، إلا أن البعض أساء استخدامه وتجاوز النظم والأعراف، بل حتى الأحكام الشرعية المانعة، والبعض أوجد لنفسه مبررات دون الاعتبار لخصوصية الآخرين، والشيطان عدو مبين، فما هي الأهداف؟ وهل ترقى إلى جواز الاختراق؟
أهداف اختراق البريد الإلكتروني
تتعدد الأهداف من وراء اختراق البريد الإلكتروني، ولعل من أبرز هذه الأهداف ما يلي:
1- التجسس سواء على دول أو منظمات أو هيئات أو مؤسسات أو أفراد، ولقد جاء في تقرير لصحيفة (الصنداي تايمز) البريطانية: أن إسرائيل تتجسس على الولايات المتحدة الأمريكية، وأن أجهزة الموساد استطاعت اختراق البيت الأبيض واختراق شفرة البريد الإلكتروني الخاصة بالرئيس الأمريكي، وقد استطاعت أجهزة الموساد الوصول إلى شبكة الاتصالات في البيت الأبيض عبر اختراق شركة كمبيوتر أمريكية حصلت على حق تجديد شبكة معلومات لجهاز الطيران الحربي الإسرائيلي.
2- قصد السرقة ومعرفة أرقام بطاقات الائتمان وأرقام الحسابات وغيرها، ولذلك يسعى لصوص الكمبيوتر إلى اختراق أجهزة المستخدمين وحل رموز الرسائل السرية، وسرقة محتويات الأجهزة والمعلومات الخاصة بهم، ويستغل هؤلاء اللصوص بعض الثغرات الفنية التي توجد في برامج تشفير رسائل البريد الإلكتروني، ولقد اكتشف الباحثون في شركة (آي آي ديجتال) الأمنية الأمريكية عيبا في برامج السرية الخاصة بتشفير رسائل البريد الإلكتروني ويمثل العيب نقطة ضعف داخل شبكة الإنترنت حيث تمكن لصوص الكمبيوتر من مهاجمة الشفرة من طريق البرامج المرافقة كبرنامج المساعدة من مايكروسوفت والذي يستعمله المستخدمون في تشفير برنامجهم البريدي بسهولة ويسر.
3- المنافسة بين الدول أو الشركات أو المؤسسات أو الأفراد، فمن الأهداف التي يقصدها مخترق البريد الإلكتروني الاطلاع على الرسائل الإلكترونية للمنافس له كما تقوم بذلك بعض الشركات لمعرفة النشاط الذي تقوم به الشركات الأخرى وما تنوي القيام به من مشاريع وأعمال، فربما مكن الاطلاع عليها من سبقهم إلى مشروع معين أو صفقة معينة.
4- الفضول والعبث وإثبات القدرة على اختراق البريد الإلكترونية فقد يسعى بعض مستخدمي الإنترنت إلى محاولة اختراق بريد الكتروني معين، ويقوم بترك رسالة لصاحب البريد الإلكتروني المخترق تفيد بأن بريده الإلكتروني قد اخترق وقصد المخترق من ذلك بيان قدرته على هذا العمل.
5- الحرب المعلنة بين أطراف مختلفين، سواء على مستوى الدول أو المنظمات أو الهيئات، والسيطرة التامة على البريد الإلكتروني للخصم لمعرفة جميع تحركاته وتخطيطه ومراسلاته، وقد استخدم هذا النوع من الاختراق في بعض الحروب القائمة في هذا العصر.
6- الاختلاف بين الأفراد، الذي يصل بالبعض إلى الكيد للأخر، فيسعى إلى إلحاق الضرر به، من خلال التجسس عليه ومعرفة أسراره.
حكم اختراق البريد الإلكتروني:
نهى الله جل جلاله عن التجسس، فقال سبحانه: {ولا تجسسوا}، ونهت الشريعة الإسلامية عن الاطلاع على أسرار الناس وهتك حرماتهم، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم". واختراق البريد الإلكتروني هو خرق لخصوصية الآخرين وهتك لحرماتهم وتجسس على معلوماتهم وبياناتهم التي لا يرغبون في أن يطلع عليها الآخرون، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ولا تحسسوا ولا تجسسوا".
فالشريعة الإسلامية كفلت حفظ الحقوق الشخصية للإنسان وحرمت الاعتداء عليها بغير حق، وهؤلاء الذين يعتدون على بيانات الآخرين ومعلوماتهم عبر الاختراق لرسائلهم البريدية الإلكترونية آثمون لمخالفة أمر الشارع الحكيم ومستحقون للعقاب التعزيري الرادع لهم، ولابد من إشاعة هذا الحكم بين الناس وتوعية المتعاملين بشبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) بخطورة انتهاك خصوصية الآخرين وحكم ذلك في الشريعة الإسلامية، وأن هذا الأمر مما استقرت الشريعة على تحريمه والنهي عنه، وقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة على حفظ حقوق الآخرين وعدم انتهاكها، بل قد تنادت الدول إلى تحريم مخترقي البريد الإلكتروني لما فيه من ضياع للحقوق واعتداء على خصوصيات الآخرين وأسرارهم.
واستثناء من ذلك فقد يكون التجسس مشروعا في أحوال معينة كالتجسس على المجرمين من اللصوص وقطاع الطرق، فقد لا يعرفون إلا بطريق التجسس، وقد أجاز الفقهاء التجسس على اللصوص وقطاع الطريق، وطلبهم بطريق التجسس عليهم وتتبع أخبارهم، وكذلك يجوز التجسس في حال الحرب بين المسلمين وغيرهم لمعرفة أخبار جيش الكفار وعددهم وعتادهم ومحل إقامتهم وما إلى ذلك.
وعلى هذا يجوز اختراق البريد الإلكتروني الخاص بأعداء الإسلام في حال الحرب معهم، لمعرفة أخبارهم وعددهم وعتادهم، لما في ذلك من فائدة ونصرة لجند المسلمين.
وكذلك يجوز اختراق البريد الإلكتروني للمجرمين المفسدين في الأرض واللصوص وقطاع الطريق، والمجرمين لتتبعهم ومعرفة خططهم وأماكن وجودهم، لقطع شرهم ودفع ضررهم عن المسلمين، وهذا موافق لمقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت بحفظ الدين والعرض والمال والنفس والعقل.
ـــــــــــــــ
الأحكام الفقهية للتعاملات الإلكترونية/د.عبدالرحمن السند، بتصرف.