فسخ الخِطبة .. خيرها في غيرها !!

0 990

ذهبت هند مع والدتها لزيارة خالتها ولقاء ابنتها حصة فهي أعز صديقة لها، ما إن وصلتا إلى البيت حتى انزوت هند مع حصة في غرفتها وراحتا تتجاذبان أطراف الحديث الذي بدأ كالعادة عن خطيبها راشد المبتعث في الخارج للدراسة.

كانت هند تعرف أن بينهما سوء تفاهم وخلافات بسبب طول مدة الخطبة (عامان) وتمسك راشد بإنهاء دراسته تماما قبل التفكير في الزواج ، أخبرتها حصة أنه وعدها في آخر مكالمة بأن يخبر والدها بقراره الأخير في هذا الموضوع ، انتقلتا إلى موضوع آخر ثم جاء أخوها الصغير يطلبها لملاقاة والده.

طال غياب حصة عند والدها وفجأة سمعت هند استغاثة خالتها، هرولت إليها لتجد حصة مغمى عليها، وكل من حولها يتمتم بكلمات من نوع "ما يستاهلك، ليس من نصيبك، الله يرزقك بأحسن منه .. كل شيء قسمة ونصيب". لم تكن هند بحاجة لتسألهم عما جرى، فقد أخبر خطيبها والده بأنه قرر فسخ الخطبة.

ستة أشهر كاملة قضتها حصة في معاناة وألم، فقد استدعى الأمر مراجعتها لطبيبة نفسية، وهاهي الآن تتماثل للشفاء تدريجيا جراء تلك التجربة الأليمة.

أما نوف فقد كانت على النقيض تماما من حصة؛ فبعد خطبتها وعقد قرانها تأكدت أن الاختلافات الشخصية بينها وبين خطيبها لن تجعل منهما نواة لمشروع زواج سعيد، وتأكدت أن هذه الاختلافات ليست من النوع الذي يعول على الزمن لإصلاحه أو تغييره، فما كان منها إلا أن أخبرت والدها أنها تريد فسخ الخطبة، ورغم أن الوالد احتار في تدبير مبلغ المهر الذي دفعه الخطيب قبل عقد القرآن إلا أنه في النهاية اقتنع بوجهة نظر ابنته وتم فسخ الخطبة دون أي مشكلات.

نموذجان متناقضان !
حكاية حصة ونوف نموذجان لفسخ الخطبة على النقيض من بعضهما البعض.. لكن المحزن أن فسخ الخطبة غالبا ما يترك آثاره السلبية على الفتاة، لاسيما أن بعض المجتمعات تنظر إلى من فسخت خطبتها كأنها طلقت، إذ تلوكها الألسن، وتزداد الأسئلة عن أسباب هذا الفسخ وتتعدد الاجتهادات والشائعات التي تكون في معظمها ضد الفتاة لدرجة أن كثيرا من الشباب يترددون في خطبة من سبق فسخ خطبتها.

لهذه الأسباب تتردد الفتيات المخطوبات في طلب فسخ الخطوبة الذي يتم في الغالب بقرار من الشاب.. بل إن كثيرا من الفتيات قد يكتشفن في الخاطب من العيوب ما يحتم فسخ الخطبة لكنهن يترددن ويمضين في مشروع الزواج على أمل الإصلاح بعد الزواج، وهذا من أخطر الأخطاء التي تقع فيها الفتيات، فرغم كل ما يقال عن فسخ الخطبة إلا أنه يظل أخف وطأة من الطلاق.

الجزء الأكبر من معاناة الفتاة التي تفسخ خطبتها يأتي من المجتمع، لكن تجاوز آثار هذه التجربة يتوقف عليها.. أول خطوات هذا التجاوز ألا تعتبر ما حدث مصيبة أو كارثة وتطرد أي إحساس سلبي يراودها حول نفسها وتنظر للأمر على أنه أقدار وأرزاق وتدع لنفسها الخيال وتتصور أن الزواج تم بينهما، وأصبحت حياتهما الزوجية جحيما لا يطاق لم تجد له مخرجا إلا بالطلاق بعد إنجاب الأبناء، عندئذ تتمنى أن لو كانت قد فسخت خطبتها..

ومن المهم أن تضع هذه التجربة في موضعها الحقيقي فلا ترفض كل من يتقدم لخطبتها خشية أن يكون مثل خطيبها السابق، ولا تسارع بقبول أي خاطب لها لتثبت أنها مطلوبة وأن العيب في خطيبها السابق وليس فيها. وإذا وفقت في خاطب جديد فلا تخفي عنه فسخ الخطبة السابقة وإلا ظن بها السوء.

أعرف فتاة تركها خطيبها بعد أن عرف من أقاربها أنها كانت مخطوبة فعندما سألها عن سبب إخفاء هذا الأمر عنه لم تجد مبررا، فدفعته الظنون إلى أنها السبب وتأكد أنها مادامت قد أخفت عنه موضوعا كهذا في بداية مشوارهما فلن تصلح زوجة.

التقليل من شأن فسخ الخطبة لا ينبغي أن يدفع الفتيات المخطوبات إلى التفكير في الفسخ كلما واجهت إحداهن مشكلة أو اكتشفت عيبا في خاطبها، إذ يجب النظر إليه على أنه بشر يصيب ويخطئ ولا يخلو من العيوب لاسيما إذا كانت عيوبا لا تطعن في خلقه أو دينه.

ــــــــــــــــــ
مجلة الأسرة العدد 163

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة