أول معالج بأربعة «أدمغة»

0 521

في المعرض المزدوج للمعلوماتية والاتصالات جيتكس دبي 2006 وكومس دبي 2006 بمركز التجارة العالمي في دبي بين يومي 18و22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006؟ استغلت شركة انتل Intel، عملاق صناعة المعالجات الرقمية عالميا، لتحوله إلى منصة لإطلاق أول رقاقة الكترونية تحتوي أربعة أدمغة تعمل بشكل مترابط.

وحملت الرقاقة اسم كور ديو كواد كور Core Duo quad- core، ويوحي شكلها برقاقة لها دماغين كل منهما مؤلف من عقلين مفكرين. وأنزلت الشركة نوعين منها، خصص أحدهما للألعاب فحمل اسم كور 2 اكستريم كواد-كور كيو اكس 6700 Core 2 Extreme quad-core QX 6700. وسمي الثاني، الذي خصص لخوادم الانترنت، زيون 5300 Xeon 5300.

ربما يحق لمدينة دبي أن تهنئ نفسها على هذا الحدث المعلوماتي، حتى لو اقتصر دورها على الاستضافة. وبالنسبة للكثيرين، لا يبدو هينا القول ان معالجا الكترونيا جديدا خرج إلى العالم من مدينة في الخليج العربي. وفي المقابل، يصعب على متابع الشأن المعلوماتي ألا يستغرب أن يطلق معالج جديد نوعيا، فيما لا يزال المعالج الذي سبقه مصنفا بأنه الأفضل عالميا، بحسب ما تقوله انتل نفسها.

ويطلق تعبير النواة على القسم المركزي من الرقاقة، الذي تتولى تحليل البيانات وربطها، قبل مناقلتها بين الأجزاء المختلفة في الرقاقة. ويمكن النظر إلى النواة باعتبارها دماغ الرقاقة الالكترونية. والمعلوم ان العقل المفكر في الكومبيوتر هو المعالج الالكتروني الذي يتألف من مجموعة منسقة من الرقاقات. ولذا، يعتبر الاختصاصيون إن كل تضاعف في الأنوية يزيد قدرات الكومبيوتر أكثر بكثير من الضعف.

وللمزيد من تعزيز قدرات دماغ الكومبيوتر، لجأت انتل إلى أسلوب الخيوط الفائقة Hyperthreading، التي تربط بين الأقسام المختلفة في الرقاقة المفردة، ما يجعلها تستفيد من القدرات المختلفة المتوزعة فيها. وتبنت كثرة من شركات صنع الرقاقات الالكترونية، مثل أي ام دي AMD، أسلوب الخيوط الفائقة في صنع منتجاتها. ويصعب إغفال الإشارة إلى مفهوم كل شيء على الرقاقة الذي يعمل على جعل الاتصال اللاسلكي والتعامل مع الترددات الصوتية والموجات الضوئية، في صلب تفكير الرقاقة. ربما كانت هذه الصورة متشابكة، لكن الصورة الفعلية هي أكثر تشابكا! ويزيد في تعقيد الصورة، إن مؤتمر مطوري انتل الذي استضافته مدينة سان فرانسيسكو الأميركية في نيسان (ابريل) الفائت، تحدث عن الرقاقة الرباعية الأدمغة باعتبارها شيئا ينتمي إلى عالم المستقبل. ويشار إلى تلك الرقاقة باسم رباعية النواة.

في معرض جيتكس دبي 2006، دار نقاش حار عن تلك المسألة. وألقي السؤال عن سر السرعة في إطلاق رقاقة كان صناعها يرونها بعيدة، على المهندس فرهاد باتل الذي يدير فرع الشركة في المملكة العربية السعودية. ولم يتردد باتل في إرجاع الأمر إلى التقدم التقني في صناعة الأجزاء الصلبة فيزيائيا في الرقاقات، وخصوصا التقدم في السيطرة على التقنيات المتصلة بتكنولوجيا النانو Nanotechnology، وهي تقنية تتعامل مع المواد على مستوى النانومتر الذي يساوي جزء من مليون من الميلليمتر.

وقد صنعت رقاقة كواد كور باستعمال مقياس 65 نانومترا، الذي يعطي القدرة على وضع 1400 معالج الكتروني في شعرة إنسان! ومن المتوقع أن تنتقل الشركة إلى مقياس 45 نانو تكنولوجي في السنة المقبلة. هل يعني ذلك أن الشركة ستنتج نوعا أخر من الرقاقات في العام 2007، بحيث يصبح ما قبلها متقادما قبل مرور عام؟ في هذا السياق، شدد باتل على فكرة محورية مفادها أن سرعة التقدم في صناعة الأجزاء الصلبة، التي يشار إليها بمصطلح هارد وير، يفوق كثيرا سرعة تطور تطبيقات المعلوماتية وبرامجها التي تسمى سوفت وير.

لم يقبل باتل فكرة الربط بين إطلاق انتل لرقاقاتها الجديدة، وبين اندفاعة نظام تشغيل الكومبيوتر فيستاVista الذي تراهن عليه شركة مايكروسوفت بقوة. كما اعتبر أن التطور في الشق الناعم من هذه الصناعة يتأخر دوما عن التقدم في المكونات الصلبة.

والحق أن التطور في نظم التشغيل هو الأقل سرعة في صناعة المعلوماتية. والحق أن التقدم السريع يجري في مجال البرمجيات والتطبيقات. ويمكن النظر إلى السرعة الهائلة التي تتطور فيها برمجيات صناعتي الإعلام والترفيه الرقميين، كنموذج من ذلك. فقد باتت الصور الغرافيكية شديدة الانتشار، وتلاقي الانتشار الهائل للصور الرقمية وأشرطتها. كما يؤدي مفهوم التلاقي الرقمي Digital Convergence إلى تحويل الكومبيوتر العادي مركزا للترفيه المتعدد الوسائط، ما يزيد تطلبه لرقاقات أشد قوة وأكثر اقتدارا. ويضاف إلى ذلك توسع الاستعمال المتخصص للكومبيوتر في صنع المواد البصرية المسموعة، كحال السينما والأفلام الإحيائية وأشرطة الفيديو وغيرها. ويضاف إلى تلك الصورة حقيقة إن التوسع المضطرد في استعمال الكومبيوتر في تفاصيل الحياة اليومية، يزيد من الطلب على أجهزة أكثر ذكاءا. وغني عن القول إن الأقسام الأكثر تطورا في الصناعة الناعمة، ليست شديدة البعد عن البرمجيات التي تستعمل في التفاصيل الصغيرة للحياة اليومية. فمثلا، يعتبر الذكاء الاصطناعي من الأقسام العالية التطور من صناعة البرمجيات ونظم التشغيل. ويستفيد كومبيوتر المستخدم العادي من تقدمها عندما يستعمل برنامجا رقميا للعب الشطرنج الكترونيا. وإذا استعمل برنامجا يعطيه رقعة الشطرنج بالأبعاد الثلاثية، فإنه يرفع متطلباته من الكومبيوتر أضعافا مضاعفة.

ـــــــــــــــــ

الحياة 2006/11/26 بتصرف.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة