- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:ثقافة و فكر
قدم الدكتور يوسف محمود الصديقي العميد المساعد بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر بتاريخ 10/1/2007م ندوة علمية حول ظاهرة العنف بين الأصولية النصرانية الصهيونية والحركة الإسلامية المتشددة وبحضور عدد من رؤساء الأقسام وأعضاء هيئة التدريس. الدكتور دين محمد رئيس قسم الدعوة ورئيس الندوة العلمية قدم د. الصديقي مشيدا بعلمه وخبرته وحكمته، ذاكرا أن الدراسة تعتبر من أخطر المواضيع السياسية التي تهم رجال الدين والعلماء ووسائل الإعلام في العصر المعاصر بالإضافة إلي أهميتها للمجتمع.
وأشار العميد المساعد أن النية اتجهت منذ اشتداد حضور الحركات الأصولية بشقيه الإسلامي والنصراني الإنجيلي الصهيوني إلي دراسة هذه الحركات وبيان ثقافتها من خلال منطلقاتها العقائدية من حيث الوقوف علي المباحث الرئيسية، المبحث الأول: في البعد الثقافي لغالبية أعضاء الإدارة الأمريكية الحالية، والقائم علي أن ثقافتهم الخاصة بهم مؤسس علي البعد الديني.المبحث الثاني: في البعد الثقافي لظاهرة ورد الفعل عندنا نحن معشر المسلمين.أما الخاتمة فتشتمل علي تقييم موجز للأصولية النصرانية والحركة الإسلامية السياسية.وتناول في المبحث الأول البعد الثقافي لغالبية الإدارة الأمريكية الحالية وقال إنه نتيجة لأحداث 11 سبتمبر 2001م، حدثت تطورات وتحولات في فكر وثقافة غالبية أعضاء الإدارة، وهذه التحولات قائمة علي اعتبار أنها في حل من جميع القيود والمواثيق والاعتبارات الدولية، بل هي في حل من حمل الاعتبارات الإنسانية محمل الجد، وفي تنازل صارخ عن القيم الأخلاقية، أعلنت الولايات المتحدة يوم 11 سبتمبر الحرب علي عدو خفي لا يثبت في مكان واحد ولا علي شكل واحد وهو الإرهاب، وضمنه أعلنت الحرب علي أفغانستان والعراق وزعمت أن لها الحرية الكاملة في أرجاء المعمورة.
وتطرق د. الصديقي إلي ركائز ثقافة غالبية الإدارة الأمريكية القائمة علي التأسيس الديني الأصولي المتشدد النابع من الغريزة الدينية، وهذا البعد الديني تمثل في الحركة الصهيونية النصرانية الذي بدوره أثر على السياسة والدولة، وقاموا بتحولات جذرية في الولايات المتحدة ذلك البلد الواسع في جغرافيته والمتعدد في أعراقه.وتحدث عن حقيقة الحركة الصهيونية النصرانية وقال تعني الصهيونية النصرانية في أساسها الدعم النصراني للصهيونية ورسالتها تتلخص في أن كل عمل تقوم به إسرائيل هو من ترتيب الله وتصميمه، ولذا يجب علينا أن نتغاضى عنه، وندعمه ونقدم المدح والثناء له. موضحا أن جوهر عقيدة الحركة الصهيونية النصرانية قائم علي عقيدة العودة الثانية للمسيح القائم علي مباديء الصهيونية اليهودية، ولديهم هدف واحد وهو تسريع عمل يد الله لتحملهم إلي السماء متحررين من كل المتاعب الأرضية ومن هناك يشاهدون معركة هرمجيدون وتدمير كوكب الأرض.
ورأي أن من يقرأ كتاب يد الله لغريس هيسل سيقف علي تصور شامل للحركة الصهيونية النصرانية في بيان لوجودها وحضورها الإعلامي القوي، حيث تمتلك مائة محطة تلفزيونية وألف محطة إذاعية وأنها دائمة الحضور وواسعة الانتشار في الولايات المتحدة.
وفي جزئية أصول الحركة النصرانية الصهيونية قال إن تدين وتهود أمريكا مرتبط بنشأتها، حيث إن المهاجرين الأوائل اعتبروا أمريكا هي أورشليم الجديدة، وشبهوا أنفسهم بالعبرانيين القدماء.. واستطاعوا بذلك تحويل العالم الجديد إلي إسرائيل جديدة، وهذا ما أكد عليه المؤرخ جون فيسك، حين قال: حيث تري تاريخا يضع في أمريكا تجد تاريخا أمريكيا يهوديا.وهذا الاتجاه الإنجيلي الصهيوني يؤمن بما يسميه بالعودة الثانية للمسيح، وأن هذه العودة هي التي ستنقذ الإنسانية ليعم الإيمان المسيحي العالم ألف عام وهو ما يسمونه بالألفية تقوم بعدها القيامة، وتعتقد الصهيونية النصرانية أن ثلاث إشارات يجب أن تسبق عودة المسيح.
الإشارة الأولي: هي قيام صهيون إسرائيل الذي جاء مصدقا للنبوة الدينية التي تقول إن صهيون يجب أن تعود حتى يعود المسيح، فالمسيح لا يظهر إلا بين اليهود. الإشارة الثانية: تهويد مدينة القدس والإشارة الثالثة: إعادة بناء هيكل سليمان علي أنقاض المسجد الأقصى. وهنا يرون أن عند اكتمال المشروع ستقع معركة هرمجيدون .وذكر أنه يعمل في ميدان التبشير لها 80 ألف قسيس و 250 مؤسسة وجهة دينية أمريكية مؤيدة لإسرائيل، مبينا أن عدد أفراد هذه الحركة فيه تضارب بين مائة مليون، وقول آخر يقول إن عددهم يتراوح ما بين 25 إلي 30 مليونا. ويصف ديف كرول مذيع ديني في واشنطن هذه الحركة علي أنها البدعة الدينية الأسرع انتشارا في الولايات المتحدة وأنها تتألف من الأمريكيين من الطبقة الوسطي والوسطي العليا الذين يقدمون ملايين الدولارات كل أسبوع إلي الذين يروجون لهذه الديانة.
وتعرض إلي عقيدة غالبية رؤساء الولايات المتحدة غالبية المحافظين الجدد في القيادة الأمريكية الحالية يحتضنون هذه العقيدة، وكذلك تملكت قلوب بعض رؤساء الولايات المتحدة السابقين، مثل الرئيس جونسون الذي تولي الرئاسة في عام 1968م والرئيس جيمي كارتر الذي عبر عن مشاعره الصهيونية بقوله: بأن مشاعره الصهيونية كانت الحافز الذي صافح سياسته في الشرق الأوسط.
وكذلك الرئيس رونالدو ريغان فإنه أكثر الرؤساء الأمريكيين إيمانا بالعقيدة الصهيونية النصرانية، وفي مناسبات عديدة أكد ريغان بقرب معركة هرمجيدون والمجيء الثاني للمسيح وفقا لمشيئة الرب كما ورد في نبوءات الكتاب المقدس، حتي ان الرئيس جورج بوش الابن نفسه يقول إن الحرب علي العراق هي مهمة إلهية يقوم بها من أجل عالم أفضل، ويقول سوف أستغل الفرصة لتحقيق أهداف كبري ولا شيء أهم من تحقيق سلام عالمي والحرب علي العراق أمر أساسي في هذا السلام معتبرا أن الولايات المتحدة في وضع فريد الآن ومن غير الممكن إيجاد حلول كلامية مع الآخرين، المهم هو النتائج، والفعل وحده هو الذي يقنع الآخرين ومن الضروري إعادة ترتيب العالم بقرارات أحادية الجانب إذا لزم الأمر، وإن الظروف مواتية لإعادة تشكيل العالم.
وتناول دور المحافظين والنظام العالمي الجديد وقال يجتمع المحافظون الجدد اليوم حول ثلاث موضوعات مشتركة: إيمان نابع من اعتقاد ديني بأن الوضع الإنساني يعرف بأنه اختيار بين الخير والشر، وان المقياس الحقيقي للشخصية السياسية يوجد في استعداد الخيرين أنفسهم لمواجهة الأشرار وتأكيد بأن المحدد الجوهري للعلاقة بين الدول هو القوة العسكرية والرغبة في استخدامها مع تركيز أساسي علي الشرق الأوسط، والعالم الإسلامي باعتبارهما يمثلان التهديد الرئيسي للمصالح الأمريكية في الخارج مشيرا إلي برنامج غالبية المحافظين الجدد يعتمد علي الحرب الاستباقية، عوضا عن الردع وتغيير الأنظمة السياسية ببلدان يختارونه بدل سياسة الاحتواء لها القيادة بدل الالتباس، بمعني التحكم بالعالم، وحكمه من دون إبقاء مجال للالتباس.
ورأي انه بناء علي معتقداتهم ونهجهم وضعوا أنفسهم في مواجهة مع العالم الإسلامي الآن ومن يعلم مع من في المستقبل مع حلفاء أمريكا وأصدقائها، مع الصقور المعارضين للعجز في الميزانية الذين يلحون علي تقيد الإنفاق التقديري، مع المواطنين الأمريكيين الذين يخالفونهم الرأي.
واستخلص د. الصديقي في هذه السياسة الخاصة بالمحافظين الجدد ما يلي: انه بالرغم مما يعلنون بأن رسالتهم تدعو إلي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان هي رسالة تفاؤلية، وخطابية إلي حد كبير عالم تسوده البدائية والتآمر وتشكل فيه المنافسة العسكرية من أجل السيطرة المعيار الأول، هذا المعيار يستحيل فيه الاعتدال بين مجتمع الأمم ونتيجة لهذه الثقافة الخاصة بالمحافظين الجدد القائمة علي سياسة القوة وقع العنف من الجانب الآخر، وكان الحال يقول إن للمحافظين الجدد حريتهم في استخدام القوة من أجل استلاب حرية الآخرين ولشعوب الأرض حريتها في المقاومة، بل واجبنا متمثل في المقاومة والنضال مؤكدا علي ضرورة عدم التغافل عن الطرف الآخر في الولايات المتحدة الذي لا يؤيد المحافظين الجدد لا في عقيدتهم ولا في سياستهم وكلنا قد سمع وقرأ عن عريضة الدبلوماسيين الأمريكان وأيضا هاجم الرئيس السابق بيل كلينتون سياسة بوش والقادة المحافظين الجدد بقسوة مؤكدين أنها قسمت العالم.
وتطرق العميد المساعد في المبحث الثاني البعد الثقافي لظاهرة العنف عند الإسلاميين المتشددين وقال: يحاول الإعلام الغربي جاهدا منذ مطلع التسعينيات تصنيف المسلمين علي أنهم أبناء الجريمة والإرهاب، وفي الوقت نفسه يسعي أن يجعل من الأصولية مرادفا للإسلام، ففي العالم الإسلامي فإن المشاعر التي ولدتها الكوارث السياسية والعسكرية بعد التحرر تركت بصماتها في بنية المجتمعات العربية والإسلامية.
جري التعامل مع سلسلة النكسات والنكبات العربية والإسلامية بما خلفته من مشاعر بالمهانة والدونية علي أنها دليل عملي علي إفلاس الأنظمة المدنية الحديثة.وعرض لصور بنية فكر أبناء الأمة الإسلامية في ظل التداعيات والمعطيات العالمية والإقليمية أخذت ثقافة أبناء الأمة الإسلامية تأخذ ثلاث صور: الصورة الأولي متمثلة في من كانت ثقافتهم إسلامية عقلانية.الصورة الثانية: متمثلة في ثقافة رأت أن الخلاص في الحداثة والمعاصرة وربطه بالطابع الغربي القائم علي فصل الدين عن الدولة.
الصورة الثالثة: رأت بثقافتها أن سبب نكساتنا بعدنا عن ديننا وهذه الصورة وجدت في السبعينيات من حرب رمضان 1973م وأطلق عليها الحركة الأصولية الإسلامية.واعتبر أن هناك ثلاثة ميادين أوجدت عقيدة أفضلية الجهاد عند الإسلاميين المتشددين، الميدان الأول ميدان دولي وذلك فيما تتعرض له الأقليات الإسلامية في العالم من اضطهاد وقمع وقتل، الميدان الثاني إقليمي متنوع الجوانب منها فرض عقوبات دولية علي المسلمين بحجة معاقبة الأنظمة السياسية الخارجة علي القانون الدولي. والميدان الثالث داخلي قائم علي الصراع علي السلطة في بعض الدول العربية أو بالصراع معها من أجل اختلاف ايديولوجي ديني وشملت الخاتمة تقييما موجزا للأصولية النصرانية والحركة الإسلامية السياسية
ـــــــــــ
الراية القطرية 11/1/2007م