امرأة وموقف

1 1356

صحابية جليلة وأنصارية وراوية ثقة ومـجـاهـدة صـابـرة. فمن تكون هذه التي جمعت هذه الصفات النبيلة واختصت بها ؟
إنها أسماء بنت يزيد بن السكن الأشهلية، ابنة عمة مـعاذ بن جبل - رضي الله عنهما - أسلمت وبايعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيعة الـرضــوان وروت عـنــه أحـاديث وشهدت معه فتح خيبر. ولقد لقبت "برسول النساء" إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - . ولهذا اللقب قصة يحسن بنا أن نذكرها لما فيها من الفائدة لعامة النساء.
روى مسلم بن عبيد أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أصحابه فقالت : بأبي وأمي أنت يــا رســول الله ، أنا وافدة النساء إليك ، إن الله - عز وجل - بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمـنــا بـك وبإلهك وإنا - معشر النساء - محصورات مقصورات ، قواعد بيوتكم ، ومقضى شهواتكم ، وحـامــلات أولادكم ، وإنكم- معشر الرجال - فضلتم علينا بالجمع والجماعات ، وعيادة المرضى،وشـهـود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله - عز وجل - وإن الـرجــل إذا خــرج حـاجـا أو معتمرا أو مجاهدا، حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم ، وربينا لكم أولادكم ، أفما نشـاركـكـم الأجر والثواب ؟!
فـالـتـفـت الـنـبـي إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال : هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر ديـنـهـا مــن هـذه ؟ فقالوا: يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا.
فالتفت النبي إليها فقال: افهمـي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها (أي حسن مصاحبتها له ) وطلبها مرضاته ، واتـبـاعـهـا موافقته يعدل ذلك كله ، فانصرفت المرأة وهي تهلل.
يا لها من رسالة خالدة .. ومسؤولية عظيمة .. فتنال المرأة أجر الجهاد وهي في مخدعها.. وتـنـال ثـواب الجماعة وهي في غرفتها.. وتكسب شرف الجراح والاستشهاد في سبيل الله وهي لما تغادر بيتها !! ، فجزاك الله عنا خيرا يا أسماء ؛ فقد كنت سببا في تعليم النساء أقرب الطرق إلى الجنة ومن أقصرها وهو سبيل الطاعة.
شهدت أسماء فتح خيبر مع من خرجن من النسوة لمداواة الجـرحــى ومناولة السهام وطبخ الطعام وخرجت مع جيش خالد بن الوليد لملاقاة الروم في معركة اليـرمــوك وقـتـلت بعض جنود الروم بعمود خبائها. فلله درك يا أسماء فقد نلت أجر الجهاد مرتين : الأولى وأنت في بيتك والأخرى في ساحة الوغى.
امتدت بها الحياة حتى شهدت انتهاء الخلافة الراشدة وتكوين الدولة الأموية وتوفيت في خلافة معاوية في السنة الرابعة والخمسين للهجرة.
رحم الله أسماء ورضي عنها فقد صدق فيها حديث رسول الله: "رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن حياؤهن من التفقه في أمور دينهن" .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة