- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:ثقافة و فكر
مما لا شك فيه أن أمة الإسلام قدمت أروع حضارة عرفتها البشرية ، حضارة أعطت كل ذي حق حقه امتثالا لأمر الخالق سبحانه ، وهي حضارة تعلي من شأن الفكرة وتحط من أمر الوثن ، وتقدم من القيم الجمالية ، ما كان أخلاقيا نافعا ، يخدم الإنسان ويعمر الأرض ويثري الحياة ، ويعطيها معنى يعز في غيرها من الحضارات،التي تعلي من شأن الجنس أو اللون أومن شأن أمة معينة ، تعيث في الأرض فسادا،و تحتقر غيرها وتنهب ثرواته ، وتغتصب حقوقه ، وتريق دمه .
أما حضارة الإسلام فقد نصرت المظلوم ، وأشاعت الحرية ، وأعطت حق الحياة تحت راياتها لكل من عاش في كنفها، لا يظلم ، ولايهان ، بل يعيش مصان الحقوق في أمن قل أن يجده في غيرها .
ويمكن أن نجمل أهم خصائص حضارة الإسلام في التالي:
1- التوحيد الخالص لله ، وبالتالي الكل عبيد لله ، يعملون لإرضائه سبحانه ، ويحسنون لخلقه ، ويقيمون أمر الحياة وفق شرعته ، وفي أثناء ذلك يستمتعون بكل نعم الله من غير إعتداء ولا إسفاف ، فكل الجوانب حتى الفن والعمران لا يخرجان عن هذه القاعدة بل يلتزمان الأدب واللياقة . ويكفي أن تدخل مسجدا ثم تدخل أي معبد لأي ملة أو نحلة لتدرك تفرد الحضارة الإسلامية بخاصية التوحيد الخالص لله.
2- مراعاة الأخلاق والقيم: تمتاز الحضارة الإسلامية أيضا بأنها تراعي أخلاق المجتمع وأعرافه وقيمه الطيبة في كل ما تقوم عليه ويظهر ذلك جليا في التشريع ، فبرغم أن التشريع الجنائي "مثلا" يمثل فيما يمثل زجرا للمعتدين، مع ذلك فإن الأخلاق وحماية الحقوق واضحة فيه ، والرحمة جزء أكيد منه.
3- النزعة الإنسانية والبعد العالمي وما ذلك إلا لعالمية هذا الدين " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا" بل أكثر من ذلك أرجعت الحضارة الإسلامية الناس لأصل واحد :" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ...." ولعلك اطلعت على قصة الصحابيين الجليلين رضي الله عنهما أبي ذر من"غفار" وبلال من " الحبش"وقد وقع بينهما خلاف غضب بموجبه أبو ذر الغفاري فقال:"ياابن السوداء" فكان التوجيه النبوي صارما :" أعيرته بأمه؟ إنك امرء فيك جاهلية" وقد نجحت الحضارة الإسلامية من البداية في توحيد أمم وشعب وصهرهم في بوتقة واحدة ، فقضت بذلك على حواجز – الجنس واللون واللغة – وجعلت الناس سواسية ، حتى إن رجلا يدعى قيس بن مطاطية" منافق" رأى سلمان الفارسي وبلال وغيرهم ممن ليسوا عربا في مقدمة الصحابة فساءه ذلك فقال :" هؤلاء الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة محمد فما بال هؤلاء.." فلما بلغت مقالته رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب ثم خطب في الناس فكان مما قال :"أيها الناس إن الرب واحد ، والأب واحد ، والدين واحد.." فالناس في الإسلام يتمايزون فقط بعطائهم وقربهم من الله ، والمجال في ذلك مفتوح أمام الجميع.
4- قامت الحضارة الإسلامية على أسس متينة ، بعيدة عن الغلو والخرافة ، فاعتمدت على المنهج العلمى ، والتفكير السوي ، ولذك تجد الحضارة الإسلامية اهتمت بالعلم ودونت وبوبت العلوم بل أنشأت علوما لم تسبق لها ،ووضعت قواعد علمية وضوابط فنية لاستنباط الأحكام وترجيح الادلة عن التعارض ،وتبنت كل ما يفيد الإنسان ، ويعمر الأرض. ولو قارنت بينها وبين أي أمة أخرى في هذا الجانب لأدركت الفرق والبون الشاسع.
5- التسامح لقد قامت الحضارة الإسلامية على الدين الحق ، ولذك كان التسامح والعدل أساسا أصيلا فيها ، فهي تحترم وجهات النظر، وتجعل للخلاف مجالا ، ولا تضيق به ذرعا، و تحض على الحوار والاستماع الآخر،وتعترف بالخلاف المعتبر وتحتفي به . وأروى لك حكاية هنا في سعة صدر العلماء ، وقبولهم للخلاف : صلى الإمام الشافعي الصبح مع الإمام أحمد ابن حنبل فقدمه الإمام أحمد فصلى بالناس وكان الشافعي يقنت في الفجر ، وأحمد لا يرى ذلك ، فلم يقنت الشافعي يومها، فسئل لم لم تفعل ؟ قال : ما كان لي أن أفعله في مسجد ابن حنبل وهولا يراه" وسئل الإمام أحمد ماذا لو كان قنت الشافعي قال " كنت أرجو ذلك حتى أؤمن وراءه" بل إن المسلمين تسامحوا مع غيرهم ، وعاملوهم بأفضل ما سجله التاريخ وذكره بعض منصفيهم.
هذه بعض السمات العامة لحضارة الإسلام ، ولك أن تقارن بينها وبين أدعياء الحضارة والحرية ، الذين يضجون من لبس فتاة لحجابها ويجعلون منه قضية ، أو أولئك الذين يطعنون في رسل الله الكرام ويعتدون بذلك على مشاعر الملايين من مواطنيهم وغيرهم ويعتبرون ذلك حرية، ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).