تَمَهَّلْ .. وابْحَثْ عَن السَّبَبِ

1 556

" انظري .. كم هو قاس  ! "

" ألم تسمع قولها الذي ينم عن سوء أخلاقها ؟! "

" إنه رجل فظ غليظ ، بدأت أكرهه ! "

عبارات نفث فيها الشيطان من ناره ثم ألقاها في أفواهنا لنقذفها بغضب عندما يسيء لنا الآخرون ، وقد لا نكتفي بهذا القدر من القول الحانق

فنرخي لألسنتنا العنان حتى تقسو القلوب ويكسوها الشلل * ، وتكبر الهوة بيننا وبين الصفح والتماس العذر ، وتتلبد سماء المودة بغيوم سوداء من خصومة وعداوة وبغضاء !


يحصل كل هذا عندما نتعامل مع إساءة الآخرين بطريقة غير علمية ، وكما قيل : العلم نور ، وهو كذلك : نور يبدد ظلمات القلوب والعقول ، ويمنحها من سناه فهما وفقها وتقى !

العلم يخبرنا : " أنه إذا حدث حادث ما ، فلا بد لهذا الحادث من سبب جعله يحدث " .

وبمعنى آخر : يحاول العلم دوما أن يجيب على سؤال : ( لماذا ...؟ )  

لماذا حصل هذا ..؟


ويتبع هذا المنهج في جميع علومه على اختلاف تخصصاتها ، ولا سيما العلوم الإنسانية .

فعندما يساء لك اسأل نفسك : لماذا صدر هذا السلوك ـ غير المحبب ـ من الطرف الآخر ؟

ما السبب الذي دفعه إلى فعل ما فعله ، وإلى قول ما قاله ؟

قد يتكشف لك السبب دون كبير عناء ، وقد يكون خفيا ، يخفيه الطرف الآخر في أعماقه فيصعب عليك بداية معرفته !

لا تيأس ـ إن كنت حريصا على استمرار العلاقة ـ واجتهد في البحث والتقصي ، قم باستدعاء كل ما في الذاكرة من مواقف وأقوال ، ثم حاول أن تربط الأحداث ببعضها ، لا تغفل شيئا ، تفكر في الأمر الصغير قبل الكبير ، وفي لغة الجسد قبل لغة اللسان ، واستعن بالدعاء الصادق .. حتما ستكتشف السبب .


اكتشافك للسبب سيجعلك أكثر قدرة على الفصل في عواطفك بين المرء وسلوكه ، وأكثر موضوعية في الحكم على الأشخاص ، فقد يبدر من الشخص المهذب ما فيه فظاظة كردة فعل فقط !


فهل من العدل أن نسمه بأنه فظ غليظ هكذا بالمطلق ؟!


كما أن اكتشافك للأسباب وسيلتك لضبط السلوك وتوجيهه إن أنت أحسنت التعامل معها .

وتذكر في كل مرة أن  : كل ابن آدم خطاء ... ، وأن الرغبة الحقيقية في إعادة جسور التواصل ابتغاء مرضاة الله ـ سبحانه ـ كفيلة بأن تجعل الصفح حلو المذاق

ـــــــــــــــــــــ
بقلم رجاء محمد الجاهوش

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة