حكاية اسم مدينة "الرياض"

0 978

الرياض ، اسم بارز أخذ شهرة واسعة في الخمسين سنة الماضية بين عواصم العالم ، على اعتبار أن مدينة الرياض هي عاصمة المملكة العربية السعودية ، وارتكازا إلى النهضة العصرية التي شهدتها الرياض في مختلف المجالات ، وحينما نكتب عن الرياض يتبادر إلى أذهاننا مدلول اسمها ، ولماذا سميت به ، وما هي حكاية هذا الاسم في التاريخ ؟

لقد نشأت مدينة الرياض على أنقاض مدينة كانت تسمى بمدينة ( حجر ) بفتح الحاء وتسكين الجيم ، ولا يعرف بالتحديد متى سميت بهذا الاسم ، إلا أن أقدم المراجع المدونة عن المنطقة يرجع إلى عام 715 قبل الميلاد ، أي منذ ما يقرب من 2700 سنة ، وكانت تلك المدينة عاصمة لإقليم اليمامة الذي كان يضم العارض والحوطة والحريق وسدير والمحمل والأفلاج وغيرها ، واستوطنها في ذلك التاريخ قبيلتان من قبائل العرب القديمة هما قبيلتا " طسم " و " جديس " .

يرجع المؤرخون بقبيلة " طسم " وقبيلة " ثمود " إلى جد واحد وهو سام بن نوح - عليه السلام - ، وقد وصفها الرحالة العرب بأنها كانت مدينة كبيرة واسعة الأرجاء ، كثيرة المباني ، تحيط بها المزارع والحدائق وتكثر بها المياه والعيون ، وكانت مركزا تجاريـا في وسط صحراء الجزيرة العربية ، وملتقى التجار بين شرقي الجزيرة وغربها ، وفي ذلك يقول الهمذاني في كتابه " صفة جزيرة العرب " : الخضراء خضراء حجر ، وكانت قبيلة " طسم " قبيلة متحضرة تستوطن الواديين ( الوتر ، والعرض )، وما يقربهما من أماكن ، والوتر بضم الواو وهو المعروف الآن باسم البطحاء الذي يخترق مدينة الرياض ، كما يخترق حجر في الماضي من الشمال إلى الجنوب والعرض، وهو الوادي المعروف باسم وادي حنيفة .

وقبل ظهور الإسلام بنحو قرنين من الزمان استوطنها بنو حنيفة وأصبحت حجر مقرا للولاة وسوقـا من الأسواق التي تجتذب إليها العرب .
أما في صدر الإسلام فقد تبوأت " حجر " مكانة مرموقة بين بلدان الجزيرة العربية وازدهرت ازدهارا كبيرا اجتذب العديد من القبائل ، وإن كانت الكثرة منهم تنتمي إلى بني حنيفة ، وقد اشتهرت حجر في القرون الهجرية الأولى بسوقها الكبير ، الذي كانت تفد إليه الناس في شهر محرم من كل عام لوقوعها على طرق التجارة التي كانت تخترق وسط الجزيرة إلى مختلف أنحائها بين البحرين وفارس شرقـا والحجاز غربـا ، وبين العراق والشام شمالا وعمان وحضرموت جنوبـا .

وذكر الأصفهاني في محاولته لتحديد موقع السوق أنه كان على بعد ميلين من منفوحة مما يعني أنه كان يقع في المساحة الموجودة في قلب الرياض اليوم في المناطق المحيطة بالمسجد الجامع الكبير في ناحيته الشمالية والغربية .

وقد وصف ابن بطوطة حجر عند زيارته لها في القرن الثامن الهجري ، قادمـا من الأحساء قائلا : " ثم سافرنا منها إلى مدينة اليمامة ، وتسمى أيضـا حجر ، مدينة حسنة خصبة ، ذات أنهار وأشجار ، يسكنها طوائف من العرب ، أكثرهم من بني حنيفة " .
ويقول العلامة الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله تعالى - : " إن اسم حجر بقي إلى منتصف القرن الحالي ، حيث كان يطلق على قصر فيه نخل على شفير البطحاء ، ثم انحصر الاسم في بئر ذلك النخل ، فصارت تعرف بـ ( بئر نخل ) حيث ردمت بعد ذلك " .

وعلى ضوء البحوث التي أعدت لتحديد موقع حجر ، فإن مكانها هو القسم الشرقي مما عرف فيما بعد بأحياء الديرة وجبرة والقسم الشمالي من حي معكال وحي سبالة والشميسي بأكملها والجزء الجنوبي الشرقي من حي أم سليم .

متى .. ولماذا سميت بـ ( الرياض ) ؟
بعد سنوات من الجفاف وندرة الأمطار ، جاء القرن الثاني عشر للهجرة وشهدت بداياته هطولا للأمطار كست الأرض بالخضرة ، وأزهرت النباتات ، فكانت أشبه بالبساتين والحدائق الغناء ، لاسيما في فصل الربيع ، فأطلق على هذا الروض الجميل اسم مدينة ( الرياض ) ، وهو اسم مشتق من جمع كلمة روضة ، والروضة كما هو معروف مكان يضم حدائق وبساتين وأشجارا ، فكان إطلاق اسم ( الرياض ) دليلا على انتشار الرياض في مختلف أنحاء المدينة ، وقد سبقت الإشارة إلى أن الهمذاني أطلق عليها في كتابه " صفة جزيرة العرب " اسم ( خضراء حجر ) ، التي كانت حاضرة لمنطقة اليمامة ، وورد ذكرها في أشعار ورواة الأقدمين .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة