• اسم الكاتب:د.مالك الأحمد


• التصنيف:ثقافة و فكر

الابتلاء أنواع والفتنة أشكال وقلما يسلم منها المرء ... إلا من رحم ربي.
قد تكون الفتنة في المرأة أو المال أو الجاه أو السلطان. ..
من الفتن الحديثة المعاصرة فتنة الشاشة وهي حب الظهور في التلفاز ، وهذا وإن كان معتادا من عامة الناس لكنه مستغرب من طلبة العلم وشيوخ الدين .

يحدثني مقدم برنامج ديني قائلا : جربت بعضهم ولم أجده يصلح مع الشاشة فضلا عن تعامله الفظ مع الجمهور فلم أستضفه ثانية ... حاول معي عدة مرات وعندما يأس اتصل بمدير القناة يرجوه أن يستضاف في الحلقات القادمة .. بالطبع حاول معي مدير القناة لكني أصررت على الرفض ..
يواصل حديثه قائلا : اتصل بي بعض طلبه العلم يطلب المشاركة في البرنامج .. ترددت لظني عدم مناسبته ومع ذلك واصل الإلحاح و الطلب فما كان مني إلا إهماله تماما ..
قلت " من كان بهذه الدرجة من الحرص على الظهور فينبغي أن لا يستضاف"...

أحد طلبة العلم والوعاظ المشهورين له برنامج في قناة ما لكن أخذت عليه ملاحظات جوهرية .. وسجلت عليه تحفظات مهنية .. وأصر وشغل الواسطات .. وهدد وتوعد وأرعد وأزبد .. يريد مواصلة برنامجه .. وعندما فشل ذهب لقناة أخرى.. فرفضوه ومازلت أسمع أخباره يواصل جهوده ومساعيه للظهور على شاشة أخرى.
إن للشاشة تأثيرا واسعا خصوصا في البيئة المحافظة ومن الأشخاص المنسوبين للعلم ..
يقول لي أحدهم :
في برنامجي استضفت شخصيات مغمورة لكنها بعد ذلك اشتهرت وحصلت على قبول عام والسبب فقط "الشاشة" ...

شخصيات لم نعرفها من قبل .. وتعرفنا عليها من خلال الشاشة ..
للشاشة أسرار لا يعرفها إلا القلة .. بعضهم يريد من خلالها أن يوصل مفاهيم ... ومنهم من يريد من خلالها التواصل مع الجماهير ..
منهم من يريد من خلالها بناء اسم وسط الناس .. ومنهم من يريد من خلالها التواصل مع الجهات المسئولة، ومنهم من يريد نشر الفضيلة والخير والتبشير بالإسلام وهذا هو الصنف الذي نحتاجه.
المؤسف أن هناك من يعمل خلف الشاشة ويقضي جل وقته يرتب للناس للخروج على الشاشة لكنه في حياته لم يخرج على الشاشة منهم المخرج والمصور والمعد والفني ..

فتنه الشاشة لم يسلم منها حتى مديرو بعض القنوات فهم - أيضا - يريدون الخروج على الشاشة ..
ملاك القنوات من أهدافهم أيضا الخروج على الشاشة متى ما أرادوا وبالصورة التي يحبون أن يراها الناس ..
ماذا عن النساء والشاشة ؟! لاشك بأن بعض النساء تحرص على الخروج على الشاشة ..
بعضهن يرغب أن يشاهدهن الأهل والأحباب ...وبعضهن للمشاركة الثقافية ...وبعضهن للتعبير عن وجهة نظر في الشأن الأسري والعائلي ..
وأخيرا - بعضهن - لبيان حسن ذوقهن في الأزياء وشطارتهن في الألوان !!
الأطفال أيضا يحبون الظهور على الشاشة ..
طلب مني ابني الصغير المشاركة في برنامج في إحدى القنوات ليشاهده أصحابه في "الشاشة" ..
فما كان مني إلا الرضوخ لطلبه فالكبار يسعون لها فلم أحرمه منها؟ .
هل هناك من لا يحب الظهور على الشاشة؟! ..
بالطبع نعم .. بعضهم ورعا .. وبعضهم لعدم الثقة في النفس .. وبعضهم لأسباب أمنية .. وبعضهم خوفا من الفشل ..

وأخيرا بعضهم ليس لديه شيء يقدمه للناس من خلال الشاشة .
إن الشاشة خطر خاصة على أهل الدعوة والدين وهي مزلق لمن لم يعصمه رب العالمين ، وعلى الدعاة أن يحتاطوا لأنفسهم وهم يتعاملون مع هذا الجهاز ، وأن يكونوا أكثر حذرا وحنكة وقدرة على تجاوز المطبات !