الإيمو.. صرعة شبابية جديدة

11 1377

هناك ظاهرة غريبة بدأت تنتشر في المجتمعات العربية والإسلامية هذه الأيام بين الشباب.. فهم يلبسون ملابس غريبة وقاتمة، ويتصرفون تصرفات عجيبة أيضا.. وهذه الظاهرة تسمى بظاهرة "الإيمو".

و"الإيمو" ظاهرة بدأت أوائل التسعينيات، وهي عبارة عن فرق موسيقية كانت تغني أغاني عاطفية؛ كان لها أثر في جذب الأطفال، والشباب، الذين يشعرون بالحرمان، والهجران، فانبثق عن ذلك فرقة تعنى خاصة بأغاني الأطفال، وقد سميت باسم فرقة (Weezer) اشتهرت أغانيها بين الأطفال، والشباب، حتى حصل قائد هذه الفرقة على لقب "آلهة الإيمو"، وقد تميزت هذه الفرق وأتباعها بلباس معين، وشكل معين مميز، فالملابس ضيقة، والشعور داكنة محترقة، والمكياج خاص.

وقد اكتنف هذه الفرقة جو من الغموض والسرية ظهر بعد ذلك في حادثة أثارت الرأي العام؛ وهي حادثة انتحار فتاة تدعى "هنا بوند"، تنتسب لهذه الفرقة، وقد تبين أن لهذه الموسيقى - "الإيمو" - سبب في إقدامها على الانتحار.

فقد تبين خلال التحقيق أن هذه الفتاة  كانت تناقش روعة الانتحار في صفحتها على الإنترنت؛ بل شرحت لوالديها بأن إيذاءها لنفسها كان فقط جزء من كونها "إيمو".

وعلى إثر هذه الحادثة خرجت تقارير تبين خطر فرق "الإيمو"، وأثرها على الأطفال، والمراهقين، وخصوصا من يعيش اليتم والحرمان، فقامت بعض الدول بمنع هذه الفرق، وحظرت أي شكل من أشكال "الإيمو".

ثم تطورت هذه الفرق الموسيقية إلى اتجاه سلوكي، حتى صارت السمة البارزة لهذه الفرقة: إيذاء النفس، بتشريط، وتقطيع الجسم، عند المعصم، أو الذراع، أو الساق، أو البطن، أو القيام بحرق الجسم بسيجارة، أو كبريت مشتعل.

والدافع لهذا الإيذاء هو محاولة لتحمل الألم العاطفي، أو الضغط الشديد من قبل والديهم - مثلا - أو المشاكل في العلاقات والحب. وقد تكون نتيجة لمشاعر قوية لا يعرف الشخص كيف يعبر عنها، كالغضب، والألم، والعار، والاستياء، أو الإحباط، أو لفراغ روحي تكون نهايته الإيذاء والانتحار.

 ثانيا:
لا شك أن هذه الظاهرة نتيجة مؤكدة لما يعيشه من حرم نور الإيمان، والهداية، وتوكيدا لما بينه الله سبحانه وتعالى في كتابه من الوعيد لما أعرض عن صراطه، قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى . قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا . قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) طه/ 124- 126 .

قال ابن كثير رحمه الله: "(فإن له معيشة ضنكا) أي: في الدنيا، فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق، حرج؛ لضلاله، وإن تنعم ظاهره، ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء؛ فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبه يتردد، فهذا من ضنك المعيشة" انتهى."تفسير ابن كثير" (5/323) .

ثالثا:
هذه الظاهرة تبين خطورة الموسيقى، وأثرها على الإنسان، حتى يخرج عن المألوف من الطباع، وتقوده إلى الجنون والانتحار، ولا عجب في ذلك؛ فهي تصنع ما تصنعه المسكرات حتى كان يسميها السلف "خمرة العقل".
قال يزيد بن الوليد: يا بني أمية، إياكم والغناء؛ فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل السكر. انظر: "إغاثة اللهفان" لابن القيم (1/246) .
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن المعلوم: أن الغناء من أعظم الدواعي إلى المعصية، ولهذا فسر صوت الشيطان به" "إغاثة اللهفان:1/255".

رابعا:
علاج الهم، والكرب، واليأس، والإحباط يكون بطاعة الله سبحانه، والالتجاء إليه، وليس في معصيته، فراحة القلب، وسروره، وزوال همومه وغمومه، والحياة الطيبة، والابتهاج لا يمكن اجتماعها كلها إلا لأهل الإيمان، وطاعة الرحمن، قال الله تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) الرعد/ 28، وقال تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) الأنعام/ 82 .

خامسا:
لا شك أن الله حرم إيذاء النفس، وحرم الانتحار، وجعل الانتحار من كبائر الذنوب، ووعد فاعله بالعذاب الشديد، قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما  ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا) "النساء/ 29، 30".

وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرنى عبدى بنفسه، حرمت عليه الجنة) رواه البخاري (3276) ومسلم (113) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  (من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم، يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده، يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده، يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا) رواه البخاري (5442) ومسلم (109) .

سادسا:
هذه الظاهرة تبين أثر تضييع الوالدين لأولادهم، وعاقبة الإهمال لهم، حتى يلجأ الأطفال في البحث عن أفعال لنسيان الحرمان، والإهمال، والبحث عن بدائل لحنان وحب الأهل.
قال ابن القيم رحمه الله: "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى: فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كبارا" "تحفة الودود ص 229".

والله سبحانه نسأله أن يحفظنا وإياكم، وأولادنا، وذرارينا  من كل سوء، وأن يهدي كل ضال من المسلمين ويعيده إلى طريق الاستقامة .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة