مثقفو الحظيرة!

2 1000
  • اسم الكاتب:د. حلمي القاعود بـ\\\"تصرف\\\"

  • التصنيف:ثقافة و فكر

قبل الثورات العربية كان مثقفو الحظيرة يصولون ويجولون في شتى أرجاء السلطة، إعلاميا وصحفيا، وفي المؤتمرات والندوات، ويدعون إلى لقاءات على مستوى رفيع مع قيادات النظم الفاسدة؛ لأنهم كانوا يؤيدونها ويشيدون بها، ويسوغون جرائمها ضد الشعوب البائسة، ونظير ذلك كانت النظم تلقي إليهم ببعض الفتات في شكل وظائف أو جوائز أو سفريات أو تفرغ أو غير ذلك.

كان الهم الأكبر لمثقفي الحظيرة التشهير بالإسلام وتشويهه، والتحريض على الإسلاميين والمطالبة برءوسهم بوصفهم إرهابيين مجرمين ظلاميين يجب على النظم أن تسحقهم ؛ لأنهم ضد التنوير والتقدم، وهو ما رحبت به النظم الجائرة  بل دعت إلى المزيد منه، أضف إلى ذلك إصرارهم على غسيل سمعة الغرب الاستعماري وتبرئة ذمته من الجرائم الاستعمارية التي مارسها ضد الشعوب وضد الشعب المصري مذ جاء المجرم الاستعماري نابليون بونابرت عام 1798م إلى مصر غازيا، فقتل من شعبها ثلاثمائة ألف مصري بمنتهى القسوة والوحشية، ثم إنهم يحاولون دائما التخفيف من ممارسات العدو الصهيوني ومذابحه الوحشية ضد الفلسطينيين والمصريين والعرب، مع الدعوة إلى التطبيع المباشر أو غير المباشر، والتنديد بالمقاومة الفلسطينية وإدانة العمليات الاستشهادية، وشن الحملات الدائمة على منظمة حماس، والترحيب بحركات الانفصال في العالم العربي؛ مثل: جنوب السودان  وجنوب اليمن وغيرها.

هؤلاء "الحظائريون" ما زالوا يسيطرون على الثقافة، ويعيشون بمنطق المراوغة واللعب على كل الحبال في إقصاء الأغلبية الساحقة عن وسائط التعبير المختلفة، والمشاركة الثقافية الحقيقية، وفي كل الأحوال يفرضون إرادتهم الشيطانية على المجتمع والمواطنين.

فقي مصر مثلا كنا نتوقع أن يتم تحرير الثقافة المصرية من هؤلاء الحظائريين، أو على الأقل إعادتهم إلى حجمهم الحقيقي، وتمكين الأغلبية الساحقة من وسائط التعبير وحق المشاركة في القضايا العامة.. ولكن المفارقة جعلتهم أصحاب الكلمة الأولى في ثقافة المجتمع بعد الثورة، فازداد تمكينهم في الإعلام والحياة العامة، ورأيناهم، وهم الذين كانوا يعبدون المخلوع من دون الله، ينظرون للثورة، ويخططون لمسيرتها، ثم، وهو الأدهى، أنهم هم الذين تلتقي بهم السلطة الحالية وتتحاور معهم، سواء في مجلس الوزراء أو المجلس العسكري، وكأن مصر عقمت ولم تنجب سواهم ليكونوا وحدهم المثقفين الذين يعترف بهم النظام الجديد، ولا يرى غيرهم على الساحة.

والسؤال هو: لماذا يصر المجلس العسكري  في مصرعلى أن يكون خدام النظام الفاسد الراحل من المثقفين هم الذين يجلسون على حجره ويحاورونه ويناقشونه دون مثقفي الأغلبية الإسلامية وهم كثيرون للغاية، ومنهم من يتمتعون بخبرات عالية وأخلاق رفيعة ولا نزكيهم على الله، ثم إنهم أصحاب مبادئ واضحة لا تتغير ولا تتبدل مثل من خدموا نظام مبارك وصاروا اليوم كما يزعمون ثوارا بل من غلاة الثوار؟!

لقد آن الأوان لتحرير الصحافة والثقافة في مصر وغيرها من بلدان العرب التي تحررت من الطغاة المستبدبن  من خدام النظم الفاسدة السابقة ، فهم لن يتحدثوا بصدق في أي قضبة تهم المواطن والوطن ، ولكنهم سينظرون إلى اتجاه الريح، ولن يعنيهم إلا الحديث عما يخصهم، فهل تفهم القيادات الوطنية هؤلاء على حقيقتهم؟! نرجو ذلك.

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة