- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:قضايا شبابية
لقد عرف الإسلام لأهل السبق سبقهم.. ولأهل الفضل فضلهم.. فرفعهم منزلة وأعلاهم درجة.
وبهذا يقر الإسلام مبدأ التفاضل بين البشر، وإنزال الناس درجات مختلفة متباينة كل على حسب اجتهاده ومبادرته للخير.. فشتان بين من بكر بكورا.. وبين من نام حتى ملأت الشمس جنبات الدنيا ولسعته الشمس على أجنابه.. ثم استيقظ.
نعم إن كليهما ربما فعل الخير في نهاره.. وكليهما مأجور مثاب.. لكن بين الاثنين فرق شاسع. كما جاء في سورة الحديد: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى}.
ولقد أوضح النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا المبدأ الأصيل في حديث عكاشة بن محصن بقوله: [سبقك بها عكاشة].
وأصل هذا الموقف كما رواه الإمام مسلم فى صحيحة عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: [يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب.. فقال رجل: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم.. قال : اللهم اجعله منهم.. ثم قام آخر فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم.. قال سبقك بها عكاشة] رواه مسلم
وإذا أمعنت النظر في هذا الحديث النبوي الشريف وجدته يحتوى على بعض الدلالات العظيمة الطيبة.. من أهمها:
1- ضرورة المبادرة والمسارعة للخير وطرقه.. وأن التواني فيه يضيع المصلحة، ويذهب بالمقصود، ويؤخر المراد، أو يفوت عليك الفرصة.
2- مكافأة أهل الاجتهاد على اجتهادهم وسبقهم يذكى روح التنافس بين رجال الأمة وشبابها.. ولا يجعلهم أساري للكسل والاعتماد على أن الله غفور رحيم.. ولا يغتر أحدهم بقوله (صلى الله عليه وسلم) [يدخلون الجنة بغير حساب].. لأن ذلك كان بسبب سبقهم إلى تمام التوكل وحسن الاعتماد على الله وتجريد ذلك فيما بينهم وبينه سبحانه، وترك الاعتماد على أي شيء سواه.
3 - يجوز للقائد أو الإمام أن يميز بعض الناس عن بعض.. ويخص أحدهم دون الآخر إذا رأى في ذلك مصلحة في الدين والدنيا.
4 – انتهاز الفرص واستغلال المواقف المناسبة، كما فعل عكاشة عندما استغل قول النبي (صلى الله عليه وسلم) بما يناسبه من طلب ودعاء.. فحصل على أعظم أمانيه كلها.
5 ـ لا يكون الجزاء إلا بعد عمل، فليس ما حصل لعكاشة ضربة حظ أو فرصة انتهبها وجاءت اعتباطا، وإنما عمل عكاشة طيلة ما سبق من عمره لينال هذا المقام، ثم أجرى الله على لسان نبيه الحديث في وجود عكاشة، وأجرى على لسان عكاشة الطلب والسؤال، فحقق الله له مراده وكافأه على سابق عمله بما يستحقه جزاء سعيه، وقبل ذلك فضل الله. ليعلم الكل أن الجزاء لا يأتي إلا بعد عمل.
5 ـ أدب النبوة في حسن الرد والتلطف فيه، فعندما قام الرجل الثاني وطلب مطلب عكاشة وسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله أن يجعله منهم، لم يقل له عليه الصلاة والسلام لا أنت لا تستحق هذه المنزلة، ولست من أهلها، فيكون ذلك سببا لإحباطه أو تثبيطه أو غير ذلك، ولكنه رده ردا جميلا لا يحمل في طياته أي إساءة أو تأنيب، وأغلق معها الباب أمام تكرار الطلب. وقال في تلطف : "سبقك بها عكاشة".
6- يحث الحديث الشريف على المسابقة والمسارعة فى الخيرات بذكر لفظة "سبقك" والتى تعطى إيحاء بأنهم في ميدان للسباق.. فيجب الاجتهاد فيه والمسارعة.
7- يستحب إعلان أسماء المتميزين من الناس على الملأ حتى يكونوا قدوة لغيرهم .. ومثالا يحتذى لمن وراءهم، مثل إعلان الحاصلين على الجوائز وأوائل الطلبة وأوائل الدفعة فى الجامعات وتقديمهم على غيرهم.
8- معرفة الفضل لأهل الفضل والسبق.. فلا يستوي من اجتهد زمن البلاء بمن اجتهد زمن الرخاء.. ولا من أنفق زمن العسرة بمن أنفق زمن اليسرة .. وإن كان كلاهما مثاب مأجور. كما سبق في آيه سورة الحديد: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذينأنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى}.
هذه بعض التلميحات النبوية التي احتواها ذلك الحديث النبوي الشريف والتي نسأل الله أن تنفعنا في ديننا ودنيانا.
والله الهادي إلى السداد والرشاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
سيد العتمي (بتصرف)