شبان وشابات يتحدَّون الثورة الجنسية في أمريكا وكندا

0 757

في أحيان كثيرة يتم تناول "الغرب" بكثير من التعميم الناتج عن الجهل والغموض في التصور؛ لدرجة أننا نجد أنفسنا أمام "الغرب" بألـ التعريف وكأننا أمام شخص واحد من دون أن نرى تفريقا بين اتجاهات فكرية، وتنويعات جغرافية واجتماعية وثقافية، واختلافات عمرية لها اهتماماتها المختلفة وسلوكياتها. وموضوع الشباب في الغرب أحد الموضوعات المهمة في هذا السياق ، والجديرة بالبحث والتعرف إليها عن قرب ، ولكي لا نقع في فخ التعميم الذي حذرنا منه سنتحدث عن الشباب في أمريكا وكندة على وجه الخصوص.

السؤال المهم الذي يلح علينا حين نبحث في قضية الشباب هو كيف يتجلى ذلك الصراع الشديد بين الأنا الذاتي والأنا الجماعي؟ كيف يتصرف الشباب والمراهقون في وسط يعج بخليط من السلوكيات والحريات ولا تغيب فيه القيم الاجتماعية والدينية تماما؟

كثير من الباحثين الاجتماعيين يرون أن الشباب في المجتمع الغربي عموما، والشمال الأميركي خصوصا، يعيشون حالا من الضياع والقلق النفسي وفقدان التوازن بين الأنا الذاتية الجانحة إلى العبث والعنف والمخدرات والانحرافات الجنسية وبين الأنا الاجتماعية القائمة على التمسك بالمثل والقيم والتقاليد الخلقية والعائلية والدينية.

تشريعات تبيح الشذوذ
وأمام هذا التوصيف لا يمكن أن نبرئ الحكومات ؛ إذ يبدو أنها تسهم في تكريس وترويج بعض المسلكيات السلبية والخطرة، نحو تشريعات إباحة اللواط أو السماح بالزواج بين أبناء الجنس الواحد، ذكورا أو إناثا، أو بتجاهل المؤسسات التربوية لفضائل العفة والعذرية والزواج وتكوين العائلة في برامج التربية الجنسية، "الأمر الذي يلقى معارضة قوية من قبل المرجعيات الدينية والهيئات الاجتماعية المحافظة وبعض الأحزاب اليمينية".

التصور السائد في أذهان الكثرة الساحقة من المراهقين أن العفة مرادفة للتقاليد البالية وتعاليم الكنيسة الجامدة، وأن العذرية هي دعوة إلى الوراء ومثار سخرية وتهكم واستهزاء .. وفي المقابل يشدد الطبيب ميشال روبيلا على أن " العذرية كانت حتى الأمس القريب، جزءا من تاريخنا الاجتماعي وينبغي أن تكون كذلك " .

وفي دراسة قامت بها مؤخرا بعض المؤسسات الاجتماعية في كندا والولايات المتحدة الأميركية (الحياة 28-8-2001) ، لوحظ من خلال اللقاءات والمقابلات مع الكثير من الشباب الذين تراوحت أعمارهم بين 15سنة و20، أنهم لم يقيموا أية علاقة جنسية ويتوقون إلى الزواج الديني. كما أشارت إلى أن قسما كبيرا منهم ينخرط في مؤسسات دينية أو اجتماعية أو في ما يسمى بحركات "أنصار العذرية" .

ويشكل هذا أمرا لافتا في مجتمع كالمجتمع الأمريكي اللاهث وراء رغباته والذي يتمتع بكثير من الحرية لدرجة الانفلات؛ ما دفع الخبير الكندي في التربية الجنسية هيغو ديماس إلى القول: "من اللافت أن نرى في مجتمعاتنا اليوم مراهقين ومراهقات يتمسكون بالعفة ويعتبرون أن الحديث عن الجنس أمر معيب، وتحمر وجناتهم لسماعه. ويؤكدون أنهم لم يلهثوا وراء الجنس في الشوارع أو في زوايا المدارس أو في الحانات" ؛ لدرجة أن ذلك ترك أثرا واضحا على لغة الشباب فغدت أكثر حشمة نحو الحب البريء والعذرية المقدسة والزواج الشرعي؛ ما اعتبره هيغو أمرا "يثير الاعتزاز".

وينقل علي حويلي (الحياة) عن تقرير صادر عن مركز المراقبة الطبية للأمراض الزهرية في أمريكا أن نصف البنات اللواتي أنهين دراستهن الثانوية في العام الماضي ما زلن عذارى في مقابل 36 في المئة في الأعوام الخمسة السابقة.

وفي السياق ذاته تؤكد نشرة أمريكية أن 50% من الفتيات اللواتي يواظبن على حضور القداس الديني يحتفظن بعذريتهن حتى سن العشرين خلافا لغيرهن ممن يفقدن عذريتهن في سن الخامسة عشرة، ونسبتهن تتجاوز 60 في المئة. وتعزى أسباب ذلك إلى التوعية والإرشاد ودور العامل الديني.

والجدير بالذكر أن نشير إلى إعلان الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش أثناء حملته الانتخابية ووعده بتخصيص مبلغ 135 مليون دولار في الموازنة السنوية من أجل إنفاقه على برامج التوعية والإرشاد وتعميم الثقافة الجنسية الهادفة إلى الحفاظ على مبدأ العفة في أوساط الناشئة.

الطبيب ميشال روبيلا المشار إليه سابقا أسس في كيبك حركة أطلق عليها "عفة كيبك" ترمي إلى إزالة تلك الأوهام العالقة في أذهان المراهقين حول العفة والعذرية . 

وتتوقف الحركة في دعوتها إلى العفة والعذرية عند الملاحظات الرئيسة التالية:
- أن الثورة الجنسية حملت معها كثيرا من الأوهام والمعتقدات الخاطئة التي استحوذت على مشاعر الناشئة.
- رفض المقولة الداعية إلى استعمال الواقي الذكري كوسيلة لمنع الحمل أو الحؤول دون انتقال الأمراض الجنسية.
- رفض ما يشاع عن العفة كفكرة يحتمي وراءها من ينظرون إلى الجنس على أنه شر بذاته.
- إن الجنس أمر طبيعي ولكن ينبغي أن يمارس في الوقت المناسب ومع الشخص المناسب. فالمراهق ليس لديه النضوج الكافي المستند إلى ثقافة جنسية واعية.
- التنويه بالفتيات المسلمات اللواتي يحافظن غالبا، على العفة ويتمسكن بعذريتهن إلى يوم الزفاف من منطلق إيماني ومسؤولية الزوجة الصالحة في تربية أبنائها واحترام القيم والمثل الاجتماعية السائدة.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة