العمل أو الموت

5 881

رفع الألمان بعد الحرب شعار: العمل أو الموت.. فتحولت ألمانيا إلى ورشة عمل، وبعد أربع سنوات صارت دولة صناعية مرموقة، وفي كتاب: متعة الحديث..يقول إسحاق نيوتن: النجاح يحتاج إلى ثلاثة عوامل: العمل ثم العمل ثم العمل، والعمل يبدأ بالعلم، والعلم يبدأ بالقراءة، وأمة لا تقرأ لن تتعلم ولن تعمل ولن تنال المجد.

إن أمة لا تعمل لا تستحق البقاء، والإسلام جاء بالعلم والعمل، وقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم رجلا فأسا وأمره أن يحتطب ويبيع لئلا يبقى عالة على المجتمع، وضرب عمر بن الخطاب شبابا جلسوا في المسجد وتركوا الكسب (اخرجوا واطلبوا الرزق فإن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة).

وشارك الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه في بناء مسجده وحفر مع الصحابة الخندق
وقال: إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه، وقال: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
وكان إدريس خياطا وزكريا نجارا وداود حدادا، ورعى موسى الغنم بالأجرة

من أسباب تقدم الغرب اعتماده على العلوم العملية التطبيقية فدخل المصانع والمعامل، واعتمدنا على العلوم النظرية فانشغلنا بالجغرافيا حتى حفظنا عن ظهر قلب أسماء عواصم تشاد والسنغال وأوغندا،
وحفظنا نقائض جرير والفرزدق وهي لا تطعم خبزا ولا ترفع مجدا، وأسرفنا في الفنون والرياضة على حساب الإبداع والاختراع والصناعة ، فمنتخب الكاميرون الرياضي أقوى من منتخب الولايات المتحدة الأمريكية، بينما عجزت الكاميرون عن إطعام رعاياها الخبز اليابس، وإذا أرادت الشعوب أن يحالفها الإخفاق ويختم لها بالخذلان تحولت من الجامعات إلى الملاهي الليلية ومن المصانع إلى مقاهي اللهو ومن الإنتاج والإبداع إلى لعب الورق وأكل الفصفص.

رأيت في ألمانيا: مزاين المرسيدس.. وفي فرنسا: مزاين الكونكورد سابقة الصوت.. وفي أمريكا: مزاين أف 16 العاصفة القاصفة.. ولأننا أقمنا: مزاين الإبل.. فينبغي أن نقيم مهرجانات: مزاين العقول.. لنحيي فيها الموهوبين ونكرم المبدعين ونشجع المخترعين والمكتشفين.

ينبغي أن نعالج مرضانا النفسيين بالإيمان والعمل؛ لأن الفراغ يولد لهم الخيالات الفاسدة التي توصل صاحبها إلى الانتحار، والعمال أسعد الناس وأشرحهم صدورا؛ لأنهم ليس عندهم فرصة للتفكير الخاطئ، وأي دولة لا تتحول إلى ورشة عمل هي دولة نامية نائمة كتب عليها الموت، وإذا عملنا واجتهدنا فسوف تتقلص مشكلاتنا وبطالتنا وفقرنا وأمراضنا، ولنرفع شعار: نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع.

إن عرق العامل أزكى من مسك الفاشل، وإن ساعد المثابر أكرم من جبين الكسلان، وإن زفرات البناء أجمل من غناء المترف
لقد أسمعت لو ناديت حيا     ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت   ولكن أنت تنفخ في رماد

شكرا لكل مسؤول جلس على كرسيه يعدل في القضايا، ويقمع الظالم وينصر المظلوم ويواسي المنكوب، شكرا لكل أستاذ وقف يصحح مفاهيم، ويصلح قلوبا ويبني عقولا، شكرا لكل طبيب يعالج مريضا ويداوي مبتلى ويضمد جراحا، شكرا لكل مزارع يغرس شجرة، ويعدل ماء ويحرث أرضا، شكرا لكل جندي يحمي دينا، ويحرس وطنا، ويدافع عن أمة، شكرا للسواعد القوية والهمم الوثابة والأفكار الخلابة، وشكرا للناجحين.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة