السموم البيضاء.. وأثرها على الشباب

1 971

"الديمورفين" أو "الدايستلمورفين".. هو الاسم الطبي للمخدر الأخطر والمعروف باسم الهيروين.. والهيروين هو مخدر قوي للجهاز العصبي المركزي، يحصل عليه من أستلة (إقحام جزيء أستيل في مركب المورفين.) وهو مركب شبه قلوي مستخرج من الخشخاش المنوم ويسبب إدمان جسمي ونفسي قوي. ويصنف مع المخدرات.

تاريخ اكتشافه:
و كما جاء في الموسوعة الحرة الويكيبيديا.. صنع الهيروين لأول مرة من مادة المورفين عام 1874 م من قبل كيميائي انجليزي ولكن لم يعرف مفعوله، ثم صنع من جديد عام 1898 م من قبل هنريك دريسار، كيميائي ألماني من المؤسسة الصيدلانية باير (Bayer) التي أنتجته كدواء للعديد من الإصابات منها داء السل. وأعطي اسم هيروين من التسمية الألمانية heroisch (تنطق هيرويش).

الاستخدامات الطبية:
يستخدم"الدايمورفين" أو "الدايستلمورفين" وهو الاسم الطبي للهيروين للأغراض الطبية (كمخدر للآلام الحادة أو ضمن برامج التخلص من الإدمان) فهو يستخدم كمسكن قوي للألم مثل: الإصابات الجسدية الحادة، واحتشاء عضلة القلب، وآلام ما بعد الجراحة، والآلام المزمنة، بما في ذلك المراحل الأخيرة للسرطان وأمراض أخرى. وفي بعض البلدان الأخرى يشاع أيضا استخدام المورفين أو الأفيونيات القوية الأخرى في مثل تلك الحالات).

كما يستخدم الهيروين كعلاج لحالات الإدمان؛ وذلك بشكل قانوني في بعض المناطق ويخضع استخدامه وجرعاته للرقابة، ويأتي في شكل حبوب أو إبر، والسماح المحدود لاستخدامه يرتبط عادة بجرعات تعطى في مراكز طبية متخصصة وتحت إشراف طبي من المناطق التي قنن فيها استخدام الهيروين لهذا الأغراض الطبية كما في المملكة المتحدة. كما يتم مراقبة استخداماته من خلال قانون إساءة استخدام الأدوية لعام 1971، حيث يصنف من ضمن الأدوية فئة A الخاضعة للرقابة. وتقوم المستشفيات بالاحتفاظ بسجلات استخدامه.

إدمان الهيروين:
وفي مقال له عن الإدمان يقول الأستاذ فوزي غنيم ما معناه: "إدمان الهيروين هو واحد من أكثر أنواع إدمان المخدرات خطورة، إن لم يكن أخطرها على الإطلاق (كما يقول الأطباء)، وغالبا لا يأتي فجأة وبدون مقدمات.. فالمشهور أن الشخص لا يدمن الهيروين مباشرة ولكنه يبدأ بأنواع أخرى من المخدرات ثم يتعرف على الهيروين.
وعادة ما يعرفه المدمن عن طريق التاجر الذي يبيع له المخدرات الأخرى فيبدأ بإغرائه بأن يمنحه جرعة بلا مقابل مادي ويوهمه بأنه نوع أفضل من الذي يعتاده، وبعد أول مرة أو بعد الثانية يحدث الإدمان، فيعود إليه ثانية ولكن هذه المرة يدفع المقابل ويصبح زبونا مدمنا للهيروين.

وقد نشرت الـ " بي بي سي " تقريرا عن معدل الاستخدام العالمي من خلال تقديرات منظمة الأمم المتحدة حيث هناك أكثر من ٥٠ مليون متعاطي بشكل دائم للهروين والكوكايين والمخدرات عموما. أما الهيروين خصوصا فإن الاستخدام العالمي للهروين يتراوح ما بين ١٥ مليون إلى ٢١ مليون شخص تتراوح أعمارهم ما بين ١٥-٦٤ سنة. وهي بلا شك نسبة مخيفة.
كما تقول إحصائيات أخرى أن إدمان الهيروين منتشر أيضا بين الفتيات، وقد ثبت أن نسبة الفتيات المدمنات للهيروين إلى الشباب تعادل 7%، وعادة ما تتعرف عليه الفتاة عن طريق الزوج إذا كان مدمنا أو عن طريق أصدقاء السوء.

والهيروين إما أن يؤخذ عن طريق الشم أو عن طريق الحقن بالوريد، وهو أكثر خطورة، لأنه يصل إلى الدم مباشرة، ومن المعروف أن مدمن الهيروين لا يستطيع أن يعالج منه إلا طبيا في الأعم الأغلب، على خلاف إدمان الحشيش فما هو إلا تعود يحتاج من اعتاد عليه إلى قوة إرادة فقط عندما يريد العلاج منه.

أغلى من الذهب:
ويحدث إدمان الهيروين عندما يحصل الشخص على الجرعة للمرة الثانية، وكثيرا ما يحدث من أول جرعة، فتعتاد خلايا الجسم عليه، وتحدث الأعراض الجسمانية فإذا تأخر عن شمه في موعده يشعر المدمن بإسهال ورشح ونشر في الجسم وعدم تحكم في انفعالاته وهمدان عام مع عدم القدرة على التركيز وفقدان في الشهية..

أما إذا استمر في تعاطيه بعد المرة الثالثة وحاول الانسحاب فيحدث في هذه الحالة انهيار في الوظائف الحيوية وانهيار في وظائف الكبد، ولاسيما الهيروين والكوكايين اللذان يتعاطاهما المدمن عن طريق الشم، وهي مساحيق خفيفة الوزن باهظة الثمن، يصل سعرها إلى ستة أضعاف سعر الذهب، لأن الكيلو جرام الواحد من الهيروين يتطلب استخلاص محصول فدان كامل من نبات الأفيون، لاستخراج المسحوق الناعم الشفاف البني اللون، الذي يعطى رائحة الخل ويوفر لمن يشمه الإحساس بالتعاطي.

من مدمن إلى تاجر: 
ومكمن الخطورة أن المدمن تتضاءل أمام عينيه جميع المشاكل والهموم حتى يحصل على الجرعة، وعند أكثرهم يسهل التضحية بكل شيء وأهونها المال، ويمكن أن يبيع جميع مبادئه أو يبيع نفسه بل وكم سمعنا عمن يبيع عرضه من أجل شمة أو جرعة أو حقنة، فإذا أخذها غمره إحساس بالسعادة المتناهية والتي تعتبر دليلا على أنه أصبح في عداد المدمنين.

فإذا أضفنا إلى ذلك الارتفاع الكبير في سعر الكوكايين والهيروين – الذي قلنا إن سعر الجرام الواحد منه يساوى سعر ستة جرامات من الذهب – فإن توفير ثمن الشمة يصبح بعد ذلك مشكلة، حتى أمام القادرين والموسرين، وهذا هو السر في أن الشمامين يتحولون بسرعة إلى موزعين ومهربين، حيث إن حصيلة التوزيع تعود على صاحبها بمبالغ كبيرة، وخاصة أن نقل وتسريب هذا المخدر هو في الواقع أسهل كثيرا من تهريب غيره من المخدرات التقليدية، وهذا البلاء ينتشر في بلادنا وبلاد أخرى كثيرة بجانبنا أو حولنا.

طريق الانهيار
إن انتشار هذا البلاء بين الشباب يعني انهيار هذه الطائفة التي هي عصب حياة أي دولة، فالإدمان يجعل الشباب بلا هدف له في الحياة إلا الحصول على هذه الجرعة، وتتضاءل أمامها كل أمنية أخرى، ويتلاشى معها كل هدف.. فما ظنك بشباب أمنيته من الحياة شمة هيروين أو حقنة كوكايين أو لحظة سعادة موهومة سرعان ما تتلاشى وتتبخر وتذهب هباء مع الريح، وما هو مستقبل تلك الأمة التي يصبح هذا حال شبابها.

ولذلك لم يكن غريبا أن يحرم الدين مثل هذه التصرفات، ويعاقب على تناول هذه المسكرات المهلكات، صيانة للأمة وصيانة لشبابها..

ولم يكن غريبا أيضا أن تسعى الدول لسن التشريعات، والقوانين والعقوبات، ووضع الترتيبات لمحاربة هذا العدو الذي يفترس خيرة شبابها ويغتال عقول أبناءها، بل ويهدم مستقبلها ويجعلها أمة هرمة شائخة لا تملك إلا أن تنتظر الموت.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة