المسلمون في الهند

0 1557

وصل الإسلام إلى الهند على يد محمد بن القاسم أثناء الفتوحات المعروفة في التاريخ الإسلامي بفتوحات السند أيام عهد الدولة الأموية، وعلى مدى قرون طويلة ظل المسلمون في شبه القارة الهندية أمة واحدة، ومع نهاية الاحتلال البريطاني الذي استمر حوالي مائتي عام انقسمت الهند عام 1947م إلى دولتين هما الهند وباكستان التي كانت تضم آنذاك بنغلاديش، ونتيجة لذلك التقسيم ظهرت على مسرح الأحداث السياسية مشكلة إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان.
”نسبـة المسلمين في الهنــد 14% مـن مجمــوع السكان، يشتـغل 70% منهم بالزراعـة، غير أن تمثيلهم في مؤسسات الدولــة لا يتعـدى نسبــة 1%.”

مجتمع الهند مجتمع متعدد الأعراق واللغات، وتبلغ مساحة أراضيها 3,166,414 كم2 مربع، ويعيش فيه 1,014,003,810 نسمة يمثلون سدس سكان العالم، وهي بذلك تعد ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بعد الصين، وتبلغ نسبة المسلمين فيها 14% من مجموع السكان، أي حوالي 141,960,431 نسمة، يتركز أغلبهم في ولايات: أوتار باراديش، وبهار، وغرب البنغال، ومهراشتره، وكيرلا، ويعمل في قطاع الزراعة منهم قرابة 70، والباقون موزعون على قطاعات الخدمات، والتجارة، والصناعة.

وينقسم مسلمو الهند إلى قسمين هما: مسلمو الشمال ويتبعون المذهب الحنفي ويتكلمون اللغة الأردية والبنغالية، ومسلمو الجنوب ويتبعون المذهب الشافعي ويتحدثون اللغة التامولية، إضافة إلى وجود مسلمين شيعة في بعض الولايات وبالأخص في حيدر آباد. ورغم كبر حجم الأقلية المسلمة في الهند (14%)، فإن نسبة تمثيلهم في مؤسسات الدولة لا تتعدى 1%.

وتهتم بشؤون هذه الأقلية عدة جمعيات أهمها:
- مجلس المشاورة.
- الجماعة الإسلامية (الهند).
- جمعية علماء الهند.
- الجمعية التعليمية الإسلامية لعموم الهند.

ويوجد لدى هذه الأقلية جامعات لتدريس العلوم الإسلامية وأخرى للعلوم المدنية، ومن أهمها:
- جامعة ديوبند
- ندوة العلماء في لكنهو
- مظاهر العلوم
- مدرسة الإصلاح
- الكلية الإسلامية في فانيا آبادي
- الجامعة العثمانية في حيدر آباد
- الجامعة الملية في دهلي.
أما التعليم الأولي فتهتم بشؤونه مدارس ومكاتب منتشرة في أماكن وجود تلك الأقلية، تعاني أغلبها من كثافة الفصول وقلة الكوادر المتخصصة.

المشكلات التي تواجه مسلمي الهند:
1 - النزاعات بين الهندوس والمسلمين والتي كان من أعنفها أحداث آسام عام 1984 التي أسفرت عن مجازر راح ضحيتها آلاف المسلمين، وأحداث هدم المسجد البابري في 6 ديسمبر/ كانون الأول 1992م حيث وقعت اشتباكات بين المسلمين وأعضاء حزب شيوسينا الهندوسي المتعصب سقط فيها الآلاف من كلا الجانبين.

2- الهوية الثقافية التي تشعر تلك الأقلية أنها مهددة بالذوبان في المجتمع الهندي الذي يغلب عليه الطابع الهندوكي، ويقول المسلمون الهنود إن الحكومة تحاول تكريس هذا الطابع في المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية، لذا فقد بذلوا جهودا كبيرة - خاصة في بناء المؤسسات التعليمية- من أجل الحفاظ على هويتهم الإسلامية، إلا أن ثمار هذه الجهود لا تصل إلى مستوى الطموح المطلوب لأسباب منها:
- قلة الإمكانيات في المؤسسات التعليمية الإسلامية.
- ضعف التنظيم والتنسيق بين المؤسسات والجماعات الإسلامية في الهند.
3- انخفاض متوسط الدخل السنوي لمعظم أفراد الأقلية، وتصنيفهم ضمن الشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا، حيث يعيش أكثر من 35% من سكانها تحت خط الفقر.

مشكلة المسلمين في جامو وكشمير:
يحتل إقليم جامو وكشمير موقعا استراتيجيا هاما، فهو يقع في قلب آسيا، تحيط به باكستان من الغرب، والهند من الجنوب، والصين من الشرق والشمال. وتبلغ مساحة هذا الإقليم 222,800 كم2، ويعيش فيه حوالي 12 مليون نسمة، 70% منهم مسلمون والبقية سيخ وهندوس.
يعيش هذا الإقليم أجواء صراع طويل بين المسلمين وغيرهم، بدأت مرحلته الحالية منذ انقسام شبه القارة الهندية عام 1947، حيث تتقاسم السيطرة عليه كل من الهند وباكستان.
”قمعت الحكومة الهندية حركة التحرر الكشـميـري بعنف أسفر عن مقتل أكثر مـن ثـلاثيـن ألف كشميري، إضافة إلى عمـليـات اعتقـال وسجن طالت ما يزيد عن 40 ألفـا آخرين على مـدى الخمسين عاما الماضية.”

جذور الصراع:
أسلم ملك كشمير البوذي ريخبن شاه عام 1323م وسمى نفسه صدر الدين، وأصبحت مملكته جزءا من الإمبراطورية المغولية حتى عام 1586م، واستمر الحكم الإسلامي للولاية قرابة 500 عام. وفي عام 1819 استولى السيخ على الولاية، وبعد احتلال بريطانيا لشبه القارة الهندية في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، اشترت قبيلة الدوغرا الهندوسية الإقليم من السلطات البريطانية عام 1846م، بعد أن وقعت معها اتفاقية "آمر تسار" التي تنص على تنصيب ملك هندوسي على الإقليم، ولم يتم لها ذلك إلا عام 1947م.
وفي نفس العام بدأ صراع المسلمين العسكري والسياسي، ففي شهر يناير/ كانون الثاني فاز حزب مؤتمر مسلمي كشمير بـ 16 مقعدا من أصل 21 في انتخابات برلمان الولاية، وفي يوليو/ تموز من العام نفسه قرر 85% من الشعب الكشميري الانضمام إلى باكستان، وغيروا توقيت ساعاتهم دلالة على ولائهم للدولة الباكستانية.

حرب 47 - 1948
تطورت الأحداث بعد ذلك سريعا، فاندلع قتال مسلح بين الكشميريين والقوات الهندية عام 1947م، أسفر عن احتلال الهند لثلثي الولاية، ثم تدخلت الأمم المتحدة في النزاع وأصدرت قرارا عام 1949م ينص على وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم. وبدأ يسود المجتمع الدولي منذ ذلك الحين اقتناع بأن حل القضية الكشميرية يأتي عن طريق اقتسام الأرض بين الهند وباكستان، فاقترحت الأمم المتحدة أن تكون الأجزاء التي بها أغلبية مسلمة وتشترك مع باكستان في حدود واحدة (تقدر بحوالي 1000 كم) تنضم لباكستان، أما الأجزاء الأخرى ذات الأغلبية الهندوسية التي لها حدود مشتركة مع الهند (300 كم) فتخضع للسيادة الهندية.

الحرب الثانية عام 1965م
لكن الأمور عادت مرة أخرى للتأزم في عهد رئيسي الوزراء الهندي لال بهادر شاستري والباكستاني محمد أيوب خان، حيث اندلعت حرب شاملة وقع الطرفان بعدها اتفاقية طشقند في 1/1/1966 والتي تنص على حل النزاعات بين البلدين بالطرق السلمية.

الحرب الثالثة عام 1971م
واندلعت حرب شاملة أخرى بين الهند وباكستان عام 1971م، توقفت بعد تدخل الأمم المتحدة التي فرضت الهدنة بينهما بدءا من عام 1972م، بعد أن انفصلت باكستان الشرقية وأطلقت على نفسها اسم بنغلاديش.
ثم دخل البلدان في مفاوضات سلمية أسفرت عن توقيع اتفاقية لم تستمر طويلا أطلق عليها اتفاقية شملا، وتنص على اعتبار خط وقف إطلاق النار الجديد هو خط هدنة بين الدولتين، واتفق الطرفان على حل خلافاتهما حول كشمير سلميا، وعدم اللجوء إلى الأعمال العسكرية في المستقبل.
ومنذ ذلك الحين وجولات النزاع بين الجانبين لا تتوقف، تهدأ حينا وتثور حينا آخر، وكان آخرها الصراع الذي تفجر عقب نجاح المقاتلين الكشميريين في احتلال مرتفعات جبال دراس وكارجيل الاستراتيجية، وكادت تنشب بين الدولتين النوويتين حرب شاملة لولا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف دولية أخرى في إقناع الجانب الباكستاني بالضغط على الكشميريين للانسحاب من تلك المرتفعات، وبالفعل تم انسحابهم في عهد حكومة رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف.

وسط هذا الصراع الطويل لم يكن مستغربا أن تكون المطالبة باستقلال الإقليم على رأس أولويات الحركات الوطنية هناك، والتي تقمعها الحكومة الهندية بعنف تقول عنه المصادر الكشميرية إنه أسفر عن مقتل أكثر من ثلاثين ألف كشميري، إضافة إلى عمليات اعتقال وسجن طالت ما يزيد على أربعين ألفا آخرين على مدى الخمسين عاما الماضية.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة