لفظ (الصد) في القرآن الكريم

0 1686

لفظ (صدد) في اللغة يأتي على وجهين: أحدهما: الإعراض، يقال: صد فلان عن فعل كذا، أي: أعرض عن الفعل. الثاني: المنع، يقال: صد فلان فلانا عن كذا، أي: منعه. ويقال من هذين الوجهين: صد يصد بضم الصاد من يصد. فأما صد يصد بكسرها فمعناه: ضج. والصدان: جانبا الوادي، الواحد صد. وقولهم: هذه الدار صدد هذه، أي: مقابلتها. والصدد أيضا: القرب. والصديد: ما حال بين اللحم والجلد من القيح، وضرب مثلا لمطعم أهل النار.

ومادة (صدد) وردت في القرآن الكريم في ثمانية وثلاثين موضعا، جاءت في سبعة وثلاثين موضعا بصيغة الفعل، من ذلك قوله تعالى: {الذين يصدون عن سبيل الله} (الأعراف:45)، وجاءت في موضع واحد بصيغة الاسم، وذلك قوله تعالى: {ويسقى من ماء صديد} (الحج:16).

ومادة (صدد) وردت في القرآن الكريم على معنيين رئيسين: 

الأول: الصد بمعنى المنع، من ذلك قوله تعالى: {الذين يصدون عن سبيل الله} (الأعراف:45)، أي: يمنعون الناس من الإيمان. ونحو هذا قوله سبحانه: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله} (الحج:25). ومن هذا الباب قوله عز وجل: {وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين} (النمل:43)، أي: منعها من أن تعبد الله ما كانت تعبد من الشمس والقمر. وأكثر ما جاء لفظ (الصد) في القرآن على هذا المعنى.

الثاني: الصد بمعنى الإعراض، من ذلك قوله تعالى: {رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} (النساء:61)، أي: يعرضون ويتولون عما يدعوهم الرسول إليه من الحق والهدى. ومنه أيضا قوله سبحانه: {ومنهم من صد عنه} (النساء:55)، أي: أعرض. ونحو هذا قوله عز وجل في حق المنافقين: {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون} (المنافقون:5)، أي: رأيت المنافقين يعرضون عما يدعوهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

فأما قوله تعالى: {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} (الزخرف:57) بكسر الصاد من قوله سبحانه {يصدون} فمعناه: يضجون، ويفزعون.

وأما قوله عز وجل: {من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد} (إبراهيم:16)، الصديد: هو القيح والدم. قاله مجاهد، وغيره. وقال قتادة: هو ما يسيل من لحمه وجلده. وفي رواية عنه: الصديد: ما يخرج من جوف الكافر، قد خالط القيح والدم.

وقوله سبحانه في خطاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {فأنت له تصدى} (عبس:6)، فمعناه: أي تعرض له، وتصغي لكلامه. والتصدي: الإصغاء. أي: أما الغني فأنت تتعرض له؛ لعله يهتدي.

وقوله عز وجل: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} (الأنفال:35)، التصدية: التصفيق، يقال منه: صدى يصدي تصدية، أي: لم يكونوا يصلون، ولكنهم كانوا يصفرون، ويصفقون مكان الصلاة.

والمتحصل: أن لفظ (الصد) ورد في القرآن الكريم على معنيين رئيسين -كما هو الحال في أصل معناه اللغوي- جاء بمعنى (المنع) وهو الأكثر ورودا في القرآن الكريم، وجاء بمعنى (الإعراض). وجاء على معان ثانوية، وهي معنى الضج، والتصفيق، والقيح والدم.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة