- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:قضايا شبابية
لقد أنعم الله علينا بنعم سابغة وآلاء بالغة، لا يحدها حد، ولا يأتي عليها حصر ولا عد.. وإن أعظم نعمة وأكبر منة هي نعمة الإسلام والإيمان، يقول تبارك وتعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين}(الحجرات:17).
فاحمدوا الله حمدا كثيرا على أن جعلنا مسلمين، وأن اختارنا واصطفانا لنكون من أهل الحق وأتباع هذا الدين.
ألا وإن من المعلوم من هذا الدين بالضرورة أن من أظهر معالمه، وأعظم شعائره، وأنفع ذخائره الصلاة، ثانية أركان الإسلام ودعائمه العظام.
هي بعد الشهادتين آكد المفروضات، وأعظم الطاعات، وأجل القربات، من حفظها حفظ الدين، ومن أضاعها فقد هدم الدين، هي رأس الأمانة وعمود الديانة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [رأس الأمر الإسلام، وعموده لصلاة](أحمد والترمذي وقال حسن صحيح).
من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف.
الصلاة.. قرة عيون الموحدين، وأنس قلوب المحبين، وراحة نفوس المشتاقين، فهي لقاء بينهم وبين خالقهم ومعبودهم، وإلههم ومحبوبهم. كما قال سيد العابدين: [إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإنه يناجي ربه](متفق عليه).
فهي راحة نفوس المؤمنين: [أرحنا بها يا بلال] أحمد وصحيح أبي داود، وهي قرة عيونهم [وجعلت قرة عيني في الصلاة](أحمد والنسائي وهو صحيح)، فهي سرور المسلم، وهناءة قلبه، وسعادة فؤاده.
والصلاة.. مفزع المحزونين، وملجأ الخائفين، ودليل الحائرين.. هي أحسن ما قصده المرء في كل أمر مهم، وأولى ما استعان به في كل خطب مدلهم، وكان رسول الهدى [إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة](أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه ابن حجر والألباني).. فهي تشرق بالأمل في القلوب المظلمات، وتنقذ المتردي في دروب الضلالات، وتأخذ بيد البائس واليائس إلى طريق النجاة والحياة {يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.
والصلاة.. نفحات ورحمات، وهبات وبركات:
بها ترفع الدرجات، وتضاعف الحسنات، وتكفر السيئات؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [تحترقون تحترقون فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب، غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا](صحيح الترغيب والترهيب).
وقال عليه الصلاة والسلام: [أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟! قالوا: لا يبقى من درنه، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس؛ يمحو الله بهن الخطايا](متفق عليه).
وفي الحديث: [الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر](رواه مسلم).
والصلاة أيها الأحبة ـ هي أكبر وسائل حفظ الأمن والقضاء على الجريمة، وأنجع وسائل التربية على العفة والفضيلة ومكارم الأعمال، وتنقية النفوس من كل منكر وسوء وخبال ووبال: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر}(العنكبوت:45).
وبالجملة فإن الصلاة هي سر النجاح وأصل الفلاح، فهي أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة، فإن صلحت صلحت وسائر عمله، وإن فسدت فسدت وسائر عمله، ومن صحت له صلاته فقد أفلح وأنجح، ومن فسدت صلاته فقد خاب وخسر.
فالمحافظة علي الصلوات عنوان الصدق والإيمان، والتهاون بها علامة الخذلان والخسران.
تفريط في عظيم
غير أن مما نندى له جبينا، ويجعل القلب مكدرا حزينا ما فشا بين كثير من المسلمين ـ وخاصة الشباب ـ من سوء صنيع وتفريط وتضييع لهذه الشعيرة العظيمة، فمنهم التارك لها بالكلية، ومنهم من يصلي بعضا ويترك البقية، ومنهم من يتهاون في أدائها في أوقاتها فيجمع بين الصلوات ويدخل بعضها في وقت بعض. وإن من أكبر الكبائر، وأبين الجرائر ترك الصلاة تعمدا، وإخراجها عن وقتها كسلا وتهاونا، وهذا أقرب طريق للكفران، وأيسر طريق للخروج من الإسلام.. يقول النبي العدنان: [العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر](أخرجه أحمد)، وفي صحيح مسلم: [بين الرجل والكفر ـ أو الشرك ـ ترك الصلاة].
ومن ترك الصلاة فقد حل عليه غضب الله ومقته، يقول النبي: [من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان](أخرجه البزار)، وفي الحديث: [لا تتركن صلاة متعمدا، فمن فعل ذلك فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله](أخرجه الطبراني).
ويقول عبد الله بن شقيق رحمه الله تعالى: "كان أصحاب رسول الله لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة"(أخرجه الترمذي).
أيها الشباب، إن التفريط في أمر الصلاة من أعظم أسباب البلاء والشقاء، ضنك دنيوي وعذاب برزخي وعقاب أخروي، يقول تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة (38) إلا أصحاب اليمين (39) في جنات يتساءلون (40) عن المجرمين (41) ما سلككم في سقر (42) قالوا لم نك من المصلين}(المعارج: ). ويقول: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}[مريم:59].
فتوبوا إلى الله يا إخواني، ويا أبنائي وبناتي، وحافظوا على صلواتكم، وأدوها في أوقاتها، وإياكم والتهاون فيها، وإخراجها عن وقتها، واحذروا ما توعد الله به المتهاونين بقوله: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون}.