تحدي الحوت الأزرق.. لعبة الانتحار

0 1579

لعبة الحوت الأزرق (Blue Whale chalenge)، أو تحدي الحوت الأزرق: هي لعبة على شبكة الإنترنت، مسموحة في معظم البلدان، وتتكون اللعبة من تحديات لمدة 50 يوما، وفي التحدي النهائي يطلب من اللاعب الانتحار. وأصل تسمية اللعبة بهذا الاسم مأخوذ من ظاهرة انتحار الحيتان على الشواطئ، حيث تندفع الحيتان الى الشاطئ معرضة حياتها لخطر الموت، كما أن اللعبة تنتهي بطلب انتحار اللاعب، ويشتبه في كونها السبب في عدد من حوادث الانتحار ولا سيما في صفوف المراهقين.

أصل اللعبة
بدأت لعبة الحوت الأزرق في روسيا عام 2013م مع إحدى مجموعات ما يسمى "مجموعة الموت" من داخل الشبكة الاجتماعية فكونتاكتي، وأما مخترع اللعبة ومبتكرها فهو "فيليب بوديكين" ويسمى أيضا "فيليب فوكس" ــ وهو طالب علم نفس سابق بإحدى الجامعات الروسية، وقد طرد من جامعته بعد ابتكاره اللعبة وانتشارها، بتهمة التحريض على الانتحار بعد أن تسببت لعبته في بعض حالات انتحار مستخدميها.. وقد صرح بوديكين: "أن هدفه من اختراع لعبته هو "تنظيف" المجتمع من شباب ليس له قيمة من خلال دفعهم اختيارا للانتحار".

وقد ذكرت الصحافة أن أول حالة انتحار بسبب اللعبة كانت في سنة 2015، ثم عرفت اللعبة استخداما أوسع بين المراهقين في روسيا عام 2016؛ بعد أن جلبت الصحافة الانتباه إليها من خلال مقالة ربطت العديد من ضحايا الانتحار بلعبة الحوت الأزرق، وفي وقت لاحق ألقي القبض على بوديكين، وأدين بتهمة التحريض ودفع ما لا يقل عن 16 فتاة مراهقة للانتحار"، وحكم عليه في يوليو 2017 بثلاث سنوات من السجن بعد محاكمته بسيبيريا، وهذا ما أدى لاحقا إلى التشريع الروسي للوقاية من الانتحار وتجدد القلق العالمي بشأن ظاهرة الحوت الأزرق.

حول اللعبة
تستند لعبة تحدي الحوت الأزرق على العلاقة بين (المنافسين والمشرفين)، حيث تنطوي على سلسلة من الواجبات أو التحديات ـ والتي تبلغ خمسين تحديا ـ عبارة عن أوامر تعطى من قبل المشرفين، مع حث اللاعبين على إكمالها، خاصة وأن هناك مهمة واحدة في اليوم الواحد، وكلما انتهى اللاعب من مرحلة ينبغي عليه إرسال صورة أو فيديو يدل على إتمام المهمة لكي يتابع إلى التحدي التالي.
ورغم أن بعض هذه التحديات تبدو غير مؤذية كرسم الحوت على ورقة أو الاستماع إلى موسيقى حزينة في الليل، فإن بعضها الآخر يثير الكثير من القلق وهي غير حميدة؛ إذ تدعو الى الضرب والخدش، وتشويه الذات وإيذائها، والملاحظ أن بعض المهام التي تعطى يوميا لفئة من المستخدمين لا تعطى للبعض الآخر إلا بعد يومين أو ثلاثة أيام، وفي الختام تعطى المهمة الأخيرة ويطلب من المتحدي الانتحار.

قائمة المهام
المهام التي تعطى للاعبين تختلف باختلاف كل لاعب، وهي خمسون مهمة أو تحديا، كل يوم عليه أن يتخطى تحديا وحيدا، ثم ينتظر بعد ذلك الأمر التالي، وهذه الأمور في الغالب غير مرتبة، ومنها على سبيل المثال:
1. نحت عبارة F57 أو رسم حوت أزرق على يد الشخص أو ذراعه باستخدام أداة حادة ثم إرسال صورة للمسؤول للتأكد أن الشخص قد دخل في اللعبة.
2. الاستيقاظ عند الساعة 4:20 صباحا ومشاهدة مقطع فيديو به موسيقى غريبة تترك اللاعب في حالة كئيبة.
3. عمل جروح طولية على ذراع المتحدي.
4. رسم حوت على قطعة من الورق.
5. كتابة "نعم" على ساق الشخص نفسه إذا كان مستعدا ليكون حوتا، وإلا ينبغي أن يجرح الشخص عدة جروح
6. خدش (رسالة) على ذراع الشخص.
7. كتابة حالة على الإنترنت عن كونه حوتا.
8. الاستيقاظ على الساعة 4:20 فجرا والوقوف على السطح.
9. نحت حوت على يد شخص خاص.
10. مشاهدة أشرطة فيديو مخيفة كل يوم.
11. استماع إلى موسيقى يرسلها المسؤول.
12. قطع الشفاه.
13. نكز ذراع الشخص بواسطة إبرة خاصة.
14. إيذاء النفس أو محاولة جعلها تمرض.
15. الذهاب إلى السقف والوقوف على الحافة.
16. الوقوف على جسر.
17. تسلق رافعة.
18. الجلوس على السطح مع ضرورة ترك الساقين مدليين من على الحافة.
19. الاجتماع مع "الحوت"
20. زيارة السكك الحديدية.
21. عدم التحدث مع أي شخص طوال اليوم.
22. إعطاء يمين حول كونه حوت.
هذه كانت أمثلة لبعض الأوامر، وفي الخطوات من 30-49 يطلب منه مشاهدة أفلام الرعب والاستماع إلى الموسيقى التي يختارها المسؤول، والتحدث إلى الحوت.
50. المهمة الأخيرة وهي الانتحار بالقفز من مبنى أو بالطعن بسكين.

حالات انتحار عالمية
وقد تسببت اللعبة فعليا بحالات انتحار لشباب مراهقين مارسوها وانتهت بهم إلى إنهاء حياتهم نهايات مأساوية، باختيارهم أو في الحقيقة بسبب التأثير النفسي للعبة عليهم، وقد كان العام الفائت عاما حافلا بهذه الحالات أكثر من غيره.

ففي روسيا مثلا: وهي منشأ اللعبة أصلا، وفيها كان أكثر المتضررين، وأعلى نسبة انتحار. في شهر فبراير 2017م قام طفل عمره 15 عاما بإلقاء نفسه من الطابق الرابع عشر، في سيبيريا، وذلك بعد الانتهاء من المهام الخمسين المرسلة إليه، كما قام زميله (يبلغ من العمر 16 سنة) بنفس العملية، وقد تركوا رسائل على صفحتيهما على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن للانتحار علاقة باللعبة. وفي نفس الشهر قام شاب آخر يبلغ من العمر 15 عاما برمي نفسه من شقة عالية، ولكنه أصيب إصابات بالغة ولم يمت.
في مايو 2017 تم إلقاء القبض فيليب بودكين مخترع اللعبة وتم الزج به في السجن وحكم عليه بثلاث سنوات. بتهمة "تحريض المراهقين على الانتحار"، بعد انتحار 16 فتاة على الأقل بسبب اللعبة.

وفي فرنسا: تم الإبلاغ عن بعض الحالات التي يمكن أن تكون متصلة بالحوت الأزرق: وذكرت بعض القنوات عن محاولة أربع فتيات للانتحار بعد متابعتهن للعبة، نشرت الشرطة الفرنسية مارس 2017 رسالة على حسابها في تويتر لتنبيه المراهقين وأولياء أمورهم من خطر اللعبة، وذكرت بأن التحريض على الانتحار يعاقب عليه من قبل القانون الفرنسي ب5 سنوات في السجن وغرامة 75 ألف أورو.

وفي إيطاليا: أكدت مجموعة من التقارير على أن عدة حالات انتحار يعود سببها للعبة، خاصة حالة فتاة مراهقة من ليفورنو، وفي أعقاب ذلك زادت تغطية الإعلام للموضوع، وكثرت المنابر التي تؤكد على وجود اللعبة وعلى خطورتها.

وفي البرازيل: قامت الشرطة بعدد من التحقيقات؛ في محاولة انتحار ثمانية برازيليين بعد أعرضوا أنفسهم للتعذيب، لذلك يشتبه في أن يكون هذه الحادث له صلة مع اللعبة.

وفي بنغلاديش: كانت هناك محاولات انتحار على صلة باللعبة، وقد انتحرت فتاة (في سن المراهقة) بالفعل، وزعم أنها قامت بذلك بسبب إدمانها للعبة الحوت الأزرق في أكتوبر 2017.

الحوت الأزرق في بلاد العرب
انتقلت عدوى الانتحار بهذه اللعبة الخطيرة إلى شبابنا الصغار في وطننا العربي، وكان آخر الأخبار منذ أيام عندما أقدم نجل "برلماني مصري" على الانتحار بسبب لعبة الحوت الأزرق؛ مما أثار انتباه وسائل الإعلام الي هذه اللعبة، وفي حين ظهرت بعض الحالات الأخرى بدأ البرلمان المصري في مناقشة سن تشريعات لمعاقبة المتورطين في هذه النوعية من الجرائم الالكترونية.

وقبل ذلك في الجزائر وفي نوفمبر 2017، انتحر طفل يبلغ من العمر 11 عاما بشرق البلاد، وقد أكدت نتائج التحقيق أن سبب الانتحار كان بسبب هذه اللعبة التي كان يقضي معظم وقته فيها لمدة شهر. وفي ديسمبر أقدم طالبان على الانتحار في ثانوية بجاية بعد استعمال نفس اللعبة، حتى بلغت وفيات العام الفائت سبعة شبان في سنة 2017 وحدها. وفي تونس وحتى 12 مارس 2018، انتحر أكثر من 4 أطفال تونسيون على الأقل جراء اللعبة.

ولم تسلم بلاد كثيرة كالسعودية والمغرب من هذا البلاء حيث انتحر طفل يبلغ من العمر 13 سنة بالسعودية شنقا بربط عنقه بحبل مشدود في الدولاب بمسكنه العائلي بجدة، وبعد التحريات اكتشفت الشرطة وجود لعبة الحوت الأزرق على هاتفه.
وفي المغرب انتشرت اللعبة بشدة في صفوف المراهقين وتسببت في محاولات انتحار كثيرة، وتعد أبرز حالة هي وفاة أحد المراهقين بمدينة أكادير جنوب المغرب، فبعد تنفيذه لتحديات اللعبة أقدم على الانتحار برمي نفسه من سطح العمارة التي يسكن بها، استجابة للتحدي الأخير في اللعبة.

ردود أفعال دولية
بعد انتشار حالات الانتحار في كثير من البلدان، والتأكد من علاقة ذلك بلعبة تحدي الحوت الأزرق بدأت الشبكات الاجتماعية باتخاذ إجراءات للحد من خطورة هذه اللعبة وانتشارها، وكذلك تحركت بعض الحكومات باتخاذ تدابير وتشريع قوانين لحماية مواطنيها من الوقوع في براثن هذه اللعبة الخطيرة:
فمنعت بعض الشبكات تسجيل اللاعبين، والتزمت بحظر وحذف الحسابات التي تروج للعبة. وقامت "انستجرام" ببرمجة رسالة أوتوماتيكية تظهر عندما يتم البحث عن بعض الكلمات المفتاحية ذات الصلة باللعبة في شريط البحث. كما يقوم بعض مستخدمي الإنترنت بإنشاء صفحات ويب "كاذبة" توصل إلى رسائل توعية وشهادات من أناس كانوا على وشك فقد حياتهم جراء هذه اللعبة. وقام بعض الناشطين ببرمجة لعبة للتحدي الآمن سموها بتحدي الحوت الوردي (Pink Whale Challenge) على غرار اللعبة الأولى يتم فيها نشر 50 تحديا حميدا وغير مؤذ.

تشريعات وقوانين:
ففي روسيا
: أقر (البرلمان الروسي) مشروع قانون يمنح المحكمة الحق في إنزال تهمة جنايات عن كل من يحاول التشجيع على الانتحار أو خلق أدوات تساعد في هذا. وفي 7 يونيو 2017، وقع الرئيس بوتين على القانون.
وفي فرنسا: نشرت الشرطة الفرنسية مارس 2017 رسالة على حسابها في تويتر لتنبيه المراهقين وأولياء أمورهم من خطر اللعبة، وذكرت بأن التحريض على الانتحار يعاقب عليه من قبل القانون الفرنسي بـ 5 سنوات في السجن وغرامة 75 ألف أورو.
وفي الهند: طالبت وزارة تكنولوجيا المعلومات من عدد من شركات الإنترنت (بما في ذلك جوجل، وفيسبوك، وياهو) بإزالة جميع الروابط التي توجه المستخدمين إلى تحميل اللعبة.
وفي تونس: أصدرت المحكمة الابتدائية بـ "سوسة" حكما يقضي بحجب لعبة الحوت الأزرق ولعبة مريم في تونس، وكلفت الوكالة التونسية للإنترنت باتخاذ الإجراءات اللازمة.

حرام حرام:
وقد وجه سؤال حول اللعبة إلى "دار الإفتاء المصرية بالأزهر الشريف" وتفضل الدكتور شوقى علام - مفتى الجمهورية – في 5 إبريل 2018م بالإجابة على النحو التالى:
"بعد الاطلاع على ما ورد بالسؤال من طبيعة اللعبة الإلكترونية المسماة بـ"الحوت الأزرق Blue Whale" وما تهدف أو تؤدي إليه؛ ترى دار الإفتاء المصرية أنه يحرم شرعا المشاركة فيها، وعلى من استدرج للمشاركة فيها أن يسارع بالخروج منها. وتهيب دار الإفتاء المصرية بالجهات المعنية تجريم هذه اللعبة، ومنعها بكل الوسائل الممكنة.
كما قررت الشريعة الإسلامية أن الأصل في الدماء الحرمة، وسنت من الأحكام والحدود ما يكفل الحفاظ على نفوس الآدميين، ويحافظ على حماية الأفراد واستقرار المجتمعات، وسدت من الذرائع ما يمكن أن يمثل خطرا على ذلك في الحال والمآل... ".

ختاما
نهيب بكل المسؤولين بأخذ التدابير للحد من انتشار هذه اللعبة القاتلة، والتحذير منها، ونهيب بأولياء الأمور أن ينتبهوا إلى أبنائهم، ويقوموا بالدور التربوي الواقع على عاتقهم في صيانة أبنائهم وحسن توجيههم وحمايتهم من الوقوع في هذه المهالك.
والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة