أثر الإنترنت في العلاقات الاجتماعية للأطفال

0 452

فتحت وسائل التواصل الاجتماعي نوافذ كثيرة على المجتمعات والثقافات المختلفة نتج عنها آثار ايجابية، ومنها الانفتاح الفكري والثقافي، وتطوير المعرفة والبحث العلمي، كما أنها تحقق احتياجات متعددة لمستخدميها من الناحية الوجدانية والمعرفية والتكامل النفسي والاجتماعي.
كما أتاحت التواصل بين الأفراد لتشكيل العلاقات وتبادل الخبرات والاهتمامات، وذلك من خلال الرسائل والملفات والصور في بيئة افتراضية، وأصبحت هذه الوسائل جزءا من حياتنا الاجتماعية، حيث تغلغلت في نسيجنا الاجتماعي وبتنا نعتمد عليها في جميع أوجه أنشطتنا الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية وفي النهاية ينبغي أن تظل تلك الوسائط أدوات في أيدينا نستخدمها ولا تستخدمنا، نملكها ولا تملكنا، نتعامل معها بقدر الحاجة ولا نستسلم لما تفرضه علينا من قيم دخيلة.
لكن في المقابل نجد أنها تركت آثارا سلبية في العلاقات الاجتماعية ومستوى التفاعل الاجتماعي والتواصل الأسري والاجتماعي وعلى العلاقات الإنسانية، إلى جانب تأثيرها في مهارات التواصل الاجتماعي المباشر لدى كثير من أفراد المجتمع، فبعض الدراسات أشارت إلى أن الاستغراق في استخدام هذه الوسائل يضعف العلاقات الاجتماعية ويقلل من التفاعل الاجتماعي في محيط الأسرة، وذلك من خلال قلة الزيارات واللقاءات العائلية، مشيرين إلى أنها تزيد أيضا من الاغتراب النفسي بين الشباب ومجتمعهم، إلى جانب تأثيرها سلبا في مهارات التواصل الاجتماعي، ما قد يسبب عزله اجتماعية، وكذلك سماحها باستيراد نماذج من السلوك لا تتفق مع ثقافة المجتمع الدينية والاجتماعية، حيث فسحت المجال لبناء علاقات بين الجنسين بما يتعارض مع قيم المجتمع.

من أبرز الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الهوية الاجتماعية
- الانعزال داخل الأسرة والتفكك العائلي: لأن الإنترنت والألعاب تشغل أغلب وقت الطفل، فتجعله منعزلا عن الأسرة، بعيدا عن التواصل مع والديه وأفراد أسرته أو أصحابه، مما يفقده بناء المهارات اللازمة للتفاعل مع الآخرين وعلى مستوى العلاقات الأسرية يكون الغياب الروحي والعاطفي بين أفراد الأسرة برغم الحضور الجسدي، حيث يمسك كل منهم بهاتفه في غفلة عمن يجلسون معه!
حيث يعزز هذا الاستخدام المفرط للإنترنت القيم الفردية والميل للوحدة والعزلة للمراهقين والشباب بدلا من القيم الاجتماعية من التفاعل والنمو الاجتماعي والانفعالي الصحي الذي لا يقل أهمية عن النمو المعرفي وحب الاستطلاع والاستكشاف.

- تعدد المرجعيات :
من أخطر السلبيات ما أنتجته هذه الوسائل من تعددية في الأطر المرجعية للسلوك، هذه الأطر التي يحكم بها الفرد على سلوكه بالقبول أو ضده، فمن أحادية الإطار - الأسرة والمجتمع المحلي - إلى تعددية الأطر - العالمية - ونتيجة لذلك لم يعد معيار القبول والرفض والخطأ والصواب للسلوك واضح لدى الشباب، حيث قد يقوم شاب بسلوك يستهجن من قبل مجتمعه المحلي، إلا أنه يلقى له صدى وقبولا وتأييدا لدى أطر أو مرجعية أخرى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وهذا يفسر لنا جزئيا أسباب خروج بعض الأفراد على القيم ومعايير المجتمع.

- الخروج عن قيم المجتمع
حيث سمحت وسائل التواصل الاجتماعي باستيراد نماذج من السلوك لا تتفق مع ثقافة المجتمع الدينية والاجتماعية، حيث فسحت المجال لبناء علاقات بين الجنسين بما يتعارض مع قيم ومعايير المجتمع، فالكثير من المراهقين يتحدون آليات الضبط الاجتماعي الأسري ويعقدون لقاءات مباشرة مع من تعرفوا إليهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، غير مبالين بالعواقب المترتبة على مثل هذه اللقاءات المحظورة اجتماعيا.

- استخدام الانترنت يعرض الأطفال والمراهقين إلى مواد ومعلومات خيالية وغير واقعية مما يعيق تفكيرهم وتكيفهم وينمي بعض الأفكار غير العقلانية وخصوصا ما يتصل منها بنمط العلاقات الشخصية وأنماط الحياة والعادات والتقاليد السائدة في المجتمعات الاخرى.

- ومن أهم التأثيرات في مجال التربية انشغال الآباء والأمهات بوسائل التواصل، والذي جعلهم يقصرون في واجبهم تجاه أبنائهم وبناتهم في التربية والتوجيه، وفي المقابل انشغل الأبناء والبنات بوسائل التواصل وقصروا مع والديهم في البر والطاعة.

وفي الختام
فإن حماية أبنائنا وبناتنا الذين هم أساس المجتمع وقادة المستقبل مسؤولية مشتركة بين جميع الجهات والمؤسسات، مسؤولية البيت والمدرسة والدولة، مسؤولية كل فرد ومؤسسة، حمايتهم من أنفسهم ومن كل من يحاول تحويلهم إلى كائنات غير سوية، غير متوازنة، غير مفيدة، إنما مجرد أحياء صغيرة تحكمها التكنولوجيا الحديثة المادية الجامدة.
قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" (التحريم: 6)
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته" متفق عليه.
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة