أفشوا السلام بينكم

0 75

إفشاء السلام بين المسلمين سبب من أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة، والمقصود بإفشاء السلام نشره والإكثار منه، والسلام اسم من أسماء الله عز وجل، وإفشاء السلام طريق موصل للمحبة بين المسلمين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم) [رواه مسلم].

والسلام حق من حقوق المسلمين فيما بينهم، فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حق المسلم على المسلم ست. قيل: ما هي يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه)[رواه مسلم].

كما أن إفشاء السلام من خير خصال الإسلام، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)[رواه البخاري]، فبذل السلام على من تعرفه ومن لا تعرفه يزيل الوحشة، ويبعد المرء عن الخصال المذمومة من الكبر والاحتقار ونحوهما.

وهو سبب في زيادة الأجر والثواب، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عشر، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال: ثلاثون) [رواه الطبراني].

السلام شعار الإسلام
فالسلام شعار دين الإسلام، وهو من الحقوق المشتركة بين كل المسلمين.
وقال الإمام النووي: معنى قوله: "تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"، تسلم على من لقيته، ولا تخص ذلك بمن تعرف".

فوائد عظيمة
وتعميم السلام بين المسلمين وعدم اختصاص المعارف به، أو البعض به دون البعض، فيه فوائد كثيرة ذكرها العلماء:

قال ابن بطال: في السلام لغير المعرفة استفتاح للخلطة وباب الأنس؛ ليكون المؤمنون كلهم إخوة، ولا يستوحش أحد من أحد، وترك السلام لغير المعرفة يشبه صدود المتصارمين المنهي عنه، فينبغي للمؤمن أن يجتنب مثل ذلك.

وقال الطيبي: جعل إفشاء السلام سببا للمحبة، والمحبة سببا لكمال الإيمان؛ لأن إفشاء السلام سبب للتحابب والتوادد، أو هو سبب الألفة والجمعية بين المسلمين، المسبب لكمال الدين، وإعلاء كلمة الإسلام، وفي التهاجر والتقاطع التفرقة بين المسلمين، وهي سبب لانثلام الدين والوهن في الإسلام.

وقال ابن العربي: من فوائد إفشاء السلام حصول المحبة بين المتسالمين، وكان ذلك لما فيه من ائتلاف الكلمة؛ فتعم المصلحة، وتقع المعاونة، وتظهر شعائر الدين، وتخزى زمرة الكافرين، فإنها كلمة إذا صدرت أخلصت القلوب الواعية لها عن النفرة إلى الإقبال على قائلها.

وقال النووي: وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف، والسلام أول أسباب التألف، ومفتاح استجلاب المودة، وفى إفشائه تكمن ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين.

وقال أيضا: وفيها لطيفة أخرى، وهى أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين، التي هي الحالقة، وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه، ولا يخص أصحابه وأحبابه به، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة