- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:ثقافة و فكر
نعيش اليوم عصر الانفتاح الأعظم، فلم تعد هناك حصون ولا حواجز بين بني البشر، وأصبحت الساحة والمساحات مفتوحة بين أقطار الدنيا، وخاض الناس وتحاوروا في كل شيء، ولم يعد هناك قيد أو خوف لمناقشة لأي فكرة أو رأي بين عامة الناس فكل أحد يمكن أن يتكلم في كل مسألة وكل قضية.
إن عصرنا الحاضر عصر انفتاح، تكسرت فيه الحدود وتحطمت الحواجز، إنه عصر الفضاء والإنترنت، وأسلوب المنع والحظر والتشويش لم يعد يجدي، والحل الوحيد هو النزول إلى الميدان، ومقابلة الحجة بالحجة.
وعليه يجب علينا نحن المسلمين أن ندرك خطورة هذا الانفتاح، وأن نكون مستعدين للحوار والنقاشات، وأن نتسلح بثقافة العصر وثقافة الأصالة الإسلامية، لنخوض غمار هذه الحوارات والنقاشات، ونثريها بما ينفع الناس، ونعطي البشرية من معين الدين الصافي، مساهمة منا في إخراج الناس من الظلمات إلى الناس بهدايتهم للحق {وكذلك أوحينآ إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما ٱلكتب ولا ٱلإيمن ولكن جعلنه نورا نهدى بهۦ من نشآء من عبادنا وإنك لتهدىٓ إلى صرطۢ مستقيمۢ صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}(سورة الشورى 52-53).
نحن محتاجون للاستماع إلى للآخر، بل استيعابهم بالإقناع، فالتناسب بين الداء والدواء ضروري؛ حتى يتقبل الجسم العلاج وينتفع به، وأنت تدرك بلا ريب أنما عند المسلمين من دين هو الصواب المحض، وأن ما ينتشر من الأرض من ملل ونحل باطل مفترى، ومع ذلك فالحكمة تقضي أن تبدأ الدعوة والحوار بدائرة المتفق عليه، من أمور الفطرة والعقول السوية، كما علمنا ربنا عز وجل حينما قال {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}(سورة آل عمران 64).
بل علمنا الله تبارك وتعالى أن نمد حبال الوصل، والحوار مع الآخرين، وأن نطرح ما عندنا من خير من غير تشنج، ولا تعصب؛ فقال سبحانه وتعالى {قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون}(سورة سبأ 24-25).
فانظر كيف جاء تعبير "الإجرام" في قوله:{لا تسألون عما أجرمنا}، في حق الرسل والمؤمنين، وجاء تعبير "العمل" في حق الكفار الذين هم المجرمون في الحقيقة، وهذا من باب التنزل للخصم.
هذا في حوارنا مع غيرنا من أهل الأديان والنحل، فكيف بالحوار الإسلامي الإسلامي هذا الحوار أيضا يعاني من أزمات لابد من علاجها علاجا سريعا حتى لا يتسع الفتق على الراقع.
لقد كشفت منتديات الحوار في الإنترنت الخلل الكبير في آلية الحوار، وفي تجاهل الكثيرين منا لدائرة المتفق عليه بين المسلمين، وأهل العلم، وهي دائرة واسعة جـدا، سواء فيما يتعلق بالدين وفهمه، أو فيما يتعلق بالمصلحة وإدراكها وتحقيقها، وتجاهل المتفق عليه وإغفاله في مقابل تكريس الخلاف في أمور يترتب عليها آثار سلبية كبيرة، منها ما نشاهده في بعض الحوارات الإلكترونية والإعلامية من انتهاكات عالية الخطورة لنظام الأخلاق الشرعي، ومن ذلك قول بعضنا: "إن لم تكن معي فأنت ضدي".
فهناك المفاصلة، بل والمقاصلة، فبمجرد أن أكتشف أن بيني وبينك نوعا من الاختلاف أو التفاوت -حتى ولو كان في مسائل جزئية أو صغيرة- فإننا نتحول إلى أعداء ألداء، بدلا من أن نكون أصدقاء أوفياء.
هذا الجدل المحتدم العقيم بيننا في قضايا لا طائل من ورائها، وعلى مرأى ومسمع من القريب والبعيد، يجعل الناس يخاطبوننا بقولهم: اتفقوا أولا على الدين الذي تقدمونه لنا، والتصور والفكر الذي تنتحلونه، ثم تعالوا لدعوتنا، والتزموا بهذه القيم النظرية الجميلة التي تتحدثون عنها قبل دعوة الناس إليها، وحلوا مشكلاتكم قبل أن تفكروا في حل مشكلات العالم.