- اسم الكاتب:بقلم : د.عبدالله مبشر الطرازي
- التصنيف:أقليات وقضايا
جمهورية ألبانيا الواقعة في القارة الاوروبية عانت الكثير من ويلات الاستعمار الشيوعي حتى جاء النصر من عند الله تعالى بالحرية والاستقلال.
الموقع والمساحة:
تقع جمهورية ألبانيا في جنوب شرقي اوروبا، ويحدها من الشمال الشرقي جمهورية مقدونيا، ومن الشمال الغربي جمهورية الجبل الأسود، ومن الجنوب الشرقي جمهورية اليونان، ومن الغرب البحر الأدرياتيكي، وتبلغ مساحة ألبانيا 748.48 كيلو مترا مربعا، عاصمة البلاد تسمى "تيرانا".
نشأة الشعب الألباني:
نشأ الألبانيون في منطقة آسيا الوسطى ثم استوطنوا بلاد البلقان عندما كانت خالية من السكان، وانتشرت فيها قبائلهم. وعندما بدأت الشعوب الأخرى من رومان ويونان قبل الميلاد بخمسة قرون، وبعدهم الصقالبة في الهجرة الى بلاد البلقان سعيا وراء الرزق، اصطدمت بالشعب الألباني، وأخذت بحكم عددها الكبير تستولي على أراضي القبائل الألبانية. ومنذ ذلك الحين بدأ كره هذه الشعوب للألبانيين، وزاد بصورة أكبر عندما اعتنق الألبان الدين الإسلامي ثم تصديهم للدفاع عنه.
التعدد والدين واللغة:
يبلغ عدد سكان ألبانيا نحو خمسة ملايين نسمة ونسبة المسلمين تزيد على 80% من مجموع السكان الحالي.
وكان الشعب الألباني قبل الإسلام يدين بعبادة الأصنام، وبعض مظاهر الطبيعة كالشمس والقمر والنار، وفي سنة 197م انتقلت إليهم الديانة النصرانية مع الدولة البيزنطية، ولكن الشعب الألباني لن يسترح للدولة البيزنطية التي أثقلت كاهلهم بالضرائب الباهظة وعدم الاهتمام بمصالحهم، مما جعل الألبان يكرهون الحكم البيزنطي ويتمنون الخلاص منه، ولذلك قاموا بكثير من الثورات، أهمها ثورة إمارة "دور زورا" في القرن الخامس عشر الميلادي، التي استعانت بالقوات التركية العثمانية، لتخليصهم من ظلم الحكم البيزنطي فأعانتهم وخلصتهم مما كانوا فيه، ومنذ ذلك الوقت أخذ يشع نور الإسلام في بلاد الألبان، حتى صار الإسلام دين الأغلبية الساحقة من السكان.
ويتحدث الشعب الألباني "اللغة الألبانية" وهي لغة رسمية، تكتب بالحروف الأبجدية العربية، واستمرت على هذه الحالة حتى سنة 1920م التي قام فيها أعداء الإسلام بالعمل على القضاء على اللغة العربية باعتبارها من أهم عوامل الترابط والوحدة بين المسلمين، ولذلك فرضوا على المسلمين الألبان كتابة لغتهم بالأبجدية اللاتينية حتى يبتعدوا عن لغة القرآن الكريم.
وصول الإسلام الى ألبانيا:
فتح المسلمون العثمانيون بلاد ألبانيا في عهد السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح سنة 885 هجرية، غير أن الإسلام وصل ألبانيا قبل هذا التاريخ بقرون طويلة.
فقد وصل الإسلام ألبانيا وعرف طريقه الى قلوب أهلها منذ زمن بعيد يرجع الى القرن الأول الهجري، وذلك عندما عبر المسلمون "مضيق جبل طارق" الى القارة الاوروبية وفتحوا بلاد الأندلس ونشروا دعوة الحق وحرصوا على إسعاد الناس في ظل الإسلام.
وكذلك كان للتجار المسلمين والدعاة فضل كبير في وصول الإسلام الى ألبانيا، وكذلك عرف التجار الألبانيون بتجوالهم في بلاد المسلمين
ثم لما فتح العثمانيون مدينة "القسطنطينية" بقيادة السلطان محمد الفاتح، اتخذوها عاصمة لهم، فرأى الألبانيون كما رأى غيرهم من الاوروبيين في الفاتحين المسلمين أخلاقا حميدة ومعاملة كريمة، لا عهد لهم بها، فبحثوا عن مصدر ذلك، فوجدوه الإسلام الذي يساوى بين الناس جميعا، ويحررهم من عبودية العباد الى عبودية خالق العباد جل جلاله، ويخرجهم من ظلمات الجهل والشرك الى نور العلم والايمان، فقد أدرك هؤلاء ان الإسلام هو مصدر كل خير، وهو دين ونظام حياة، فأحبوه ومالوا إليه، ودخل فيه بعضهم، ثم أخذ الناس يدخلون فيه أفواجا أفواجا.
وظلت ألبانيا في طاعة الإسلام، وولاية تابعة للدولة العثمانية، حتى قام أحد زعمائها ويسمى "اسكندر بك" بالتمرد على سلطان المسلمين، وساعده في ذلك أطماعه الشخصية، وتحريض أهل الصليب له وخاصة بابا الفاتيكان، وظل اسكندر بك في حروب مستمرة مع الدولة العثمانية لمدة ثلاث وعشرين سنة، حتى مات في سنة 1467م.
وبعد ذلك تم فتح بقية بلاد ألبانيا مرة أخرى على يد السلطان محمد الفاتح بعد سقوط "مدينة كرويا" وغيرها في سنة 885هـ الموافق 1480م.
حال مسلمي ألبانيا حتى الحرب العالمية:
ظل مسلمو ألبانيا منذ الفتح الإسلامي لبلادهم حتى قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914م ينعمون بحكم الإسلام وعدل رجاله، ويعيشون عيشة راضية، وفي أمن وأمان، فلا خوف على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.
في خلال الحربين الأولى والثانية العالميتين، أصاب ألبانيا بلاء كبير حيث كانت نهبا لقوات البلغار والفرنسيين والطليان وغيرهم. ولكن استطاع بعض الألبان إقامة دولة عاصمتها "تيرانا" غير ان أعداء الإسلام لم يتركوا أهل ألبانيا ينعمون بالأمان في ظل دولتهم، بل تدخلوا لمحاربة الإسلام فيها.
وفي سنة 1928م تولى عرش ألبانيا "أحمد زوغو" وكان حاقدا على الإسلام والمسلمين، فقام بإلغاء الدروس الدينية التي كانت تعقد في المساجد، وألغى كذلك تدريس التربية الإسلامية في المدارس، ولكن بعض المدرسين قاموا بتأليف الكتب الشرعية وترجمة بعضها وقام الشيخ "علي كرايا" بترجمة معاني القرآن الكريم لتستمر دراسة العلوم الإسلامية بين أبناء ألبانيا.
وفي سنة 1939م تعرضت ألبانيا للاحتلال الايطالي، الذي عمل على تنصير الألبانيين بكل السبل، وهدموا كثيرا من المساجد والمدارس وقتلوا عددا كبيرا من علماء المسلمين وزجوا البعض في السجون طوال سنوات الحرب العالمية الثانية وراح ضحيتها الآلاف من الأبرياء.
وفي سنة 1939م تعرضت ألبانيا للاحتلال الايطالي، الذي عمل على تنصير الألبانيين بكل السبل، وهدموا كثيرا من المساجد والمدارس وقتلوا عددا كبيرا من علماء المسلمين وزجوا البعض في السجون طوال سنوات الحرب العالمية الثانية وراح ضحيتها الآلاف من الأبرياء.
وفي سنة 1943م انهزمت إيطاليا فأجبرها الألمان على الخروج من ألبانيا، واستبدل استعمار بآخر أشر منه، ولم يدم الاستعمار الألماني سوى سنة واحدة فقد استسلم للحلفاء.
ثم في سنة 1946م بعد الحرب العالمية الثانية تكونت حكومة انتقالية برئاسة الجنرال "أنور خوجة" وبذلك بسط الشيوعيون سيطرتهم على الحكم في ألبانيا، وعملوا بشتى الوسائل للقضاء على المسلمين، وقتلوا عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، بالإضافة الى الملايين التي فرت من ظلمهم الى البلاد المجاورة.
ألبانيا بعد سقوط الشيوعية
ثم بعد سقوط الشيوعية العالمية تنفس المسلمون الألبانيون الصعداء، ونعموا بالراحة وعملوا على النهوض بمرافق البلاد، ببناء المدارس والمساجد، ولكن الشعب الألباني المسلم في حاجة الى مساعدة البلاد العربية والإسلامية بتقديم المال والكتب العلمية والمدرسين لشرح تعاليم الإسلام.