تفسير الجلالين

3 2568

سمي هذا التفسير بـ "الجلالين" نسبة إلى مؤلفيه الجليلين: جلال الدين المحلي، وجلال الدين السيوطي؛ وهو من التفاسير القيمة المفيدة، التي لاقت انتشارا واسعا بين المسلمين، وعم النفع به ديار المسلمين كافة، لما امتاز به من عبارة وجيزة، وأسلوب واضح بين، ليس فيه تعقيد ولا غموض.

وخبر هذا التفسير يفيد أن الإمام جلال الدين المحلي رحمه الله كان من العلماء المبرزين في القرن الثامن الهجري، بدأ بتأليف هذا التفسير من سورة الكهف وانتهى به إلى سورة الناس، وعندما شرع في تفسير سورة الفاتحة وما بعدها وافته المنية قبل أن يتم كتابة تفسير النصف الأول من القرآن؛ ثم جاء الإمام السيوطي بعده -وهو من علماء القرن التاسع الهجري- فقطع العهد على نفسه بإتمام تفسير ما لم يتمكن الإمام المحلي من تفسيره؛ فشرع في تفسير سورة البقرة، وأتم التفسير إلى نهاية سورة الإسراء. وبعمل هذين الإمامين اكتمل هذا التفسير، الذي كان له من القبول الكثير، لأمور نلقي الضوء عليها في سطورنا التالية.

فالقارئ لهذا التفسير الجليل، لا يكاد يلمس فرقا واضحا بين طريقة الشيخين، فيما فسراه، بل لا يكاد يحس بمخالفة بينهما –لا شكلا ولا مضمونا- في ناحية من نواحي التفسير المختلفة، اللهم إلا في مواضع قليلة لا تكاد تذكر.

ثم إن هذا التفسير قد جاء في غاية من الاختصار والإيجاز، ولعل هذا ما جعل له قبولا وإقبالا من الناس، ناهيك عن أسلوبه المميز، من سلامة في العبارة، وسلاسة في اختيار الألفاظ، وحسن تحرير للأقوال، وتقرير للمسائل، وتنقيح للإشكالات. 

ومنهج المؤلفين في هذا التفسير كان يقوم على ذكر ما تدل عليه الآيات القرآنية، وما يفهم منها، ومن ثم اختيار أرجح الأقوال وأصحها. ويقوم كذلك على إعراب ما يحتاج إلى إعراب، دون توسع أو تطويل يخرج عن القصد، بل في حدود ما يفي بالغرض، ويوضح المقصود والمطلوب.

وكان من منهج المؤلفين -فوق ما تقدم- التنبيه على القراءات القرآنية المشهورة على وجه لطيف، وبتعبير وجيز، والإعراض عن القراءات الشاذة غير المرضية. 

ونظرا لأهمية هذا التفسير، وما امتاز به عن غيره من التفاسير، فقد اتجهت إليه همم كثير من العلماء؛ فوضعوا عليه التعاليق المفيدة، وكتبوا عليه الحواشي الشارحة، وكان من أهم الحواشي التي كتبت على هذا التفسير، حاشية الجمل، وحاشية الصاوي، وهاتان الحاشيتان متداولتان بين أهل العلم.

ومما يؤخذ على هذا التفسير أن مؤلفيه لم يلتزما منهج أهل السنة والجماعة في مسائل الأسماء والصفات، التي أجمع السلف على إثباتها، دون تحريف، أو تعطيل، أو تكييف، أو تمثيل.

وعلى الرغم من المآخذ التي أخذت على هذا التفسير، بيد أنه بقي يحتفظ بمكانته في المكتبة الإسلامية، جنبا إلى جنب مع كتب التفسير الأخرى، وقد اعتبر أحد الكتب التي يرجع إليها في فهم الكتاب العزيز، وخاصة لمن لم يسعفه الوقت لقراءة التفاسير الموسعة والمفصلة، فكان هذا التفسير مناسبا لحاجة القارئ العجل، الذي يريد معرفة معنى كلمة معينة من القرآن، أو تفسير آية من آياته. ولا شك، فإن مادة هذا التفسير تلبي حاجة شريحة معينة من الناس، فليس كل الناس قادرا على قراءة كتب التفسير المفصلة والمسهبة، وفي كل خير إن شاء الله.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة