هل المرأة العربية ثقافتها مطبخية ؟

0 770

المرأة العربية متهمة بأنها غير قارئة، وبأنها تقطع علاقتها بالكتاب بمجرد إنهائها لدراستها ، وإن قرأت فإنها لا تختار سوى القراءات التي تقع تحت عنوان علم لا ينفع وجهل لا يضر مثل أخبار الفن والفنانين، والحوادث، وغير ذلك مما لا يضيف إليها شيئا، فهي ضحلة الثقافة، مطبخية المعلومات وفقط!
هل هذا الاتهام صحيح؟ وإن كان فلماذا لا تقرأ المرأة العربية، ابنة البيئة القارئة المتأملة؟
سؤال يحاول الإجابة عنه هذا التحقيق.

**لا عذر لها***
تقول سمية رمضان - بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية وربة بيت - مستوى ثقافة المرأة العربية فى خطر، فهى قليلا ما تقرأ، وإذا ما قرأت فغالبا ما تتركز قراءتها فى نوعيات معينة من القراءة مثل صفحة المشكلات بالصحف، وأخبار الجريمة والحوادث، وكذلك أخبار الفن والفنانين، وعلى الجانب الآخر نجد قلة قليلة من النساء تتابع الأحداث السياسية والفكرية والاقتصادية وغيرها، إلا أن يمكن أنه نقول إن الحال التى نحن عليها الآن أفضل مما كانت عليه المرأة العربية من قبل، حيث إنه مع زيادة نسبة التعليم فى قطاع المرأة بدأت تهتم بالقراءات الإسلامية، إلا أننى أستحث المرأة العربية أن تقرأ وتتفاعل وتشارك فى الحياة بوعى، وأنصحها إذا كانت ستبدأ مشوارها الثقافى أن تبدأ أولا بما ستحاسب عليه، وهو القرآن العظيم وتفسيره وأحكام تلاوته، ثانيا: أن توسع دائرة اهتماماتها فتنقل نفسها من دائرة الاهتمام بالمشكلات الاجتماعية إلى دائرة أوسع، وهى دائرة الأحداث التى تدور حولها فى العالم، خاصة ما يخص الصراع العربى - الصهيونى.

وأيضا أود أن ألفت الانتباه إلى أن مصادر الثقافة اليوم تعددت، فأصبح منها المقروء والمسموع والمرئى (سواء كان كتابا أو شريط كاسيت أو كمبيوتر أو إنترنت)، وأيضا هناك الكتاب المسموع، وبالتالى فإن فرص التثقيف أصبحت أيسر وأسهل بالنسبة للمرأة المعاصرة، ومن ثم لا أرى عذرا للمرأة العربية أن تكون دون المستوى الثقافى اللائق.

**موجات الأحداث***
وتلتمس صفية سعد - مهندسة - العذر للمرأة العربية قائلة: المرأة فى السبعينيات والثمانينيات كانت أكثر قراءة من المرأة اليوم؛ لأن الأم اليوم مشغولة بمذاكرة الأبناء، وليس لديها وقت فراغ لتعكف بالساعات يوميا على قراءة الكتب والصحف، إذ لم يعد دورها فى العملية التعليمية للأبناء مجرد الإشراف على مذاكرتهم، وإنما أصبحت شريكا كاملا فى المذاكرة لصعوبة المناهج، وتراجع مستوى المعلم، وعدم الاستقرار فى المناهج الدراسية ومواعيد بدء وانتهاء العام الدراسى، وحتى إذا ما حاولت القراءة فإنها لا تفعل ذلك بهدف تحصيل ثروة ثقافية، وإنما من أجل الأولاد، فمثلا فى الفترة الأخيرة بدأت أقرأ عن الإنترنت، وأبحث عن المواقع المفيدة للأسرة استعدادا للصيف، كذلك أقرأ كتبا معينة لأجهزها لأبنائى فى الصيف، وغالبا ما تكون فى السيرة أو قصص الصحابة (رضوان الله عليهم)، ورغم ذلك فإنه قد تحدث أحداث تدفع المرأة للقراءة حتى ولو لم تكن محبة للقراءة بطبيعتها ففى الآونة الأخيرة مع تصاعد الأحداث فى فلسطين، الكل يتابع مجريات الأحداث، وأقصد بالكل: الرجال والنساء والشباب والفتيات وحتى الأطفال، والأم تقرأ عن القضية لتجيب عن تساؤلات أبنائها، وغالبا ما تتأثر الثقافة فى حياتنا جميعا وليس المرأة فقط بموجات الأحداث التى نعايشها، فاليوم القضية الفلسطينية، وغدا غيرها، كما أن المرأة تقرأ فى تخصصها، غالبا فقد كنت طالبة بكلية الهندسة، وكانت قراءاتى كثيرة فى المجال الهندسى، وبعد التخرج والزواج قرأت فى العبادات والعقائد وتربية الأبناء، أعتقد أن المرأة العربية لديها استعداد كبير للتحصيل الثقافى، لكن ظروف الحياة أصبحت ضاغطة جدا، وإيقاع الحياة أصبح قاتلا، وانشغال المرأة ببيتها أصبح أكثر.

**أعباء الحياة***
وتعترف حنان فاروق - ربة بيت - بالتقصير فتقول: فى الحقيقة سواء قبل الزواج أو بعده ليست لدي شهية للقراءة، وليست عندى القدرة على العكوف على كتاب معين لقراءته، وبعد الزواج أصبح الأمر عسيرا جدا، إلا أننى مستمعة جيدة سواء لشرائط الكاسيت، أو إذاعة القرآن الكريم، وأواظب على حضور دروس توعية فى المساجد، وأعترف أن معلوماتى والتى تتركز فى الشئون الإسلامية سواء كان حديثا أو فقها أو سيرة أو قصصا أو أخبار المسلمين فى فلسطين والشيشان وغيرهم، حصلتها بالتلقى وليس بالقراءة، وأعتقد أن الكثيرات منا ليس لديهن وقت كبير للقراءة بسبب أعباء البيت والحياة والأولاد، وأرى أن الاستماع هو أنسب طريقة للمرأة فى تحصيل ثقافتها، حيث تستمع وهى تؤدى أعمالها داخل البيت، وبالتالى تحقق الحكمة: ما لا يدرك كله .. لا يترك كله.

**ثقافة المطبخ***
وتلقى عزة لبيب - طبيبة - بالمسئولية على كل من وسائل الإعلام والمرأة فى تراجع الأخيرة الثقافى، حيث تقول: رغم أن التليفزيون يمكن أن يكون قد لعب دورا مهما فى تثقيف المرأة غير المتعلمة من خلال ما يقدمه من برامج صحية وزراعية، وبرامج المرأة عامة، فهو بالنسبة للمرأة المتعلمة يعتبر مساهما فى تراجع ثقافتها؛ لأن الجرعة الثقافية التى يقدمها فى برامجه لا تتلاءم مع الوقت المنفق فى مشاهدته، وبرامج المرأة وما تقدمه من ثقافة المطبخ والصحة والموضة والطفل تعتبر جزءا من ثقافة المرأة، وليست كل المطلوب فى تنمية ثقافتها، لذلك أنصح المرأة بأن تعيد النظر فى الوقت الذى تقضيه أمام التليفزيون، وأن تحاول أن تعدد مصادر ثقافتها، فالقراءة اليوم أصبحت سهلة، حيث هناك الإنترنت، وهناك الكلمة المسموعة سواء كانت كاسيت أو إذاعة، ورغم كثرة البدائل، فإن هناك تقصيرا متفاوتا فى كل الشرائح التعليمية والاجتماعية، وحتى عند الرجال أنفسهم، وأنا شخصيا أعترف بالتقصير الذى أرى أن مسئولية البيت والأولاد سبب رئيس فيه، إلا أننى لا أستطيع العيش بدون قراءة سواء كانت جرائد أو مجلات أو كتب، ولذلك أحاول جاهدة أن أقرأ أى شيء يوميا ولو مجرد صفحة واحدة من كتاب أو مجلة، وهذا ما أنصح به كل امرأة حتى تترسخ عادة القراءة عندها.

ويطرح د. أحمد عبد الرحمن - أستاذ الأخلاق والفلسفة الإسلامية - رؤيته فى ثقافة المرأة العربية، مؤكدا وجود تراجع فى الجو الثقافى العام فى مجتمعاتنا عند المرأة والرجل معا، ويعبر عن عدم رضائه عن مستوى ثقافة المرأة وأيضا الرجل، كذلك الأستاذ الجامعى الذى لا يقرأ إلا المحاضرة، ولا يخرج عن المذكرة أو الكتاب، والمرأة العربية عامة والمصرية خاصة لا تقرأ إلا القليل، وقراءتها ليست منهجية ولا مركزة ولا هادفة، إلا من رحم ربى، وغالب النساء مهتمات بالموضة والجمال والصحة والمطبخ، وفى الجانب الآخر يكرس التليفزيون عندهن هذا الميل، وكل معلومة عند المرأة اليوم غالبا ما يكون مصدرها التليفزيون، وهو أداة تثقيف غير أمينة، فهو سبب ضياع كل معانى الثقافة عند الأسرة جميعا، فبسبب التليفزيون فشلت فى أن أجعل أسرتى تقرأ، وبناتى رغم أنهن خريجات كلية الطب فإنهن لا يقرأن ولا حتى مقالاتى.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة