- اسم الكاتب:جريدة اللواء الإسلامي
- التصنيف:الأسرة اليوم
ازدادت فى الفترة الأخيرة حالات الطلاق بين الأزواج من الشباب قبل الزفاف وذلك لأسباب كثيرة، منها المغالاة فى المهور وتأثيث مسكن الزوجية .وأزمة الإسكان، وأيضا غياب الدين والاختلاط الزائد عن الحد مما يؤدى إلى فتور العاطفة وتفكير الشاب فى الإرتباط بأخرى .وفى هذا التحقيق نناقش هذه الظاهرة .
يؤكد د .أحمد المجدوب أستاذ علم الاجتماع : إن الزواج فى عصرنا الحالى قائم على أسس خاطئة ، فلا يتحرى أهل الفتاة عن العريس ، ولا يبحثون عن أصله ونسبه أو عن خلقه ودينه ، وإنما أصبح التركيز على المادة هو الأساس ، فبقدر ما يحقق الرجل مطالب أهل العروس من مسكن مؤثث بأحدث الكماليات وسيارة فارهة ،ومهر مغالى فيه إلى حد كبير ، بقدر ما يلاقى من القبول والاستحسان.
ويضيف د.المجدوب :كما أن البعد عن الدين هو أهم أسباب ازدياد الطلاق قبل الزفاف ، فالرسول صلى الله عليه وسلم وضع المبادئ الأساسية للزواج وجعل الدين والخلق هما الأساس لبناء الأسرة المسلمة ، فقال عليه الصلاة والسلام : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير" ، وكان المجتمع المصرى فى الماضى شأنه شأن المجتمعات الإسلامية فيه تضامن أسرى ، والزواج كان مشروعا عائليا وليس فرديا ، ولذلك كان الزواج مستقرا ، ولم نكن نسمع عن أية حالات طلاق بكثرة لأن الأسر كانت تختار صاحب الدين والخلق ، كما أن الأم كانت تربى ابنتها تربية إسلامية وتعرفها بحقوقها وواجباتها تجاه زوج المستقبل ، ولا شك أن البعد عن الدين وراء كل الكوارث التى نعانى منها الآن ولابد أن نعود إلى الدين مرة أخرى لنضمن السعادة الزوجية .
وأنصح البنات والشباب بأن يتقوا الله ويختاروا طبقا للمبادئ والقواعد التى وضعها الإسلام ، وأن يلتزموا بما أمر الله عز وجل به وبما أمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ،لضمان حياة زوجية مستقرة قائمة على المودة والرحمة .
**البعد عن المظهرية ***
أما الدكتورة آمنة نصير عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية : فترى أن المظهرية والمباهاة أصبحتا من مقتضيات الأسرة المعاصرة رغم علم هذه الأسر بضيق حال الشباب .
وتقول :انتشار الطلاق المبكر قبل الزفاف يأتى نتيجة للعسر المالى أو عدم توفر المسكن وما يتبعه من أثاث حسب ما تهوى العروس والأسرة ،وهى مسألة نعتبرها رغبة إنسانية لا حرج فيها إذا لم تزد عن الحد المعقول ، وأقول لهذه الأسر لابد من بساطة البداية فلا تتشبثوا بالشقة الواسعة أو بالأثاث المغالى فيه ، وإنما نعود إلى بساطة الإسلام ، فعندما يتقدم من نرضى دينه وسمعته فعلى الأسرة أن تستوعب هذا الدرس الحكيم فى تبسيط المطالب والبعد عن المغالاة ، سواء فى المظهر أو فى إعداد الأفراح أو فى تكوين البيت ، فالأهم من كل هذه الأمور هو صيانة بناتنا و شبابنا وإعادة السكينة والاستقرار لهذه الأسر بشئ من الرضا ، والقناعة وعدم المغالاة ، حتى لا يهتز المجتمع بأكمله .
ونحن فى حاجة ملحة لإعادة الثقافة الإسلامية الحقيقية فى بساطة تكوين البيت ، ونترك لشبابنا الصعود فى تكوينه درجة درجة ، والمسألة تحتاج كما قلت إلى إعادة الوعى والمسئولية والثقافة الإسلامية الحقيقية ،.. مع بث الوعى لدى المجتمع بأن المغالاة فى المظهرية فى تكوين بيوت أولادنا مرض عضال علينا أن نتفاداه قبل فوات الأوان وضياع أولادنا ومستقبلهم المستقر .
فيسروا ولا تعسروا لبناء مستقبل سعيد لأولادكم .
**أزمة السكان***
ويوضح د .محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن أزمة الإسكان الحادة التى يعانى منها مجتمع المدن الآن ،من أهم أسباب الطلاق قبل الدخول .ويقول : كثيرمن الشباب يحتاج للحصول على مسكن الزوجية إلى سنوات طويلة ،وفى هذه الفترة يحدث الملل بين الزوجين مما يؤدى إلى التفكير فى عدم إتمام مشروع الزواج .كما أن الاختلاط الزائد بين الرجل والمرأة يؤدى إلى فتور العاطفة بين الطرفين خصوصا من ناحية الرجل ،وقد يدفعه إلى التفكير فى الانفصال والارتباط بفتاة أخرى .
وعلاج هذه المشكلة هى عدم إطالة فترة الخطبة ، وأن تعمل الدولة على تيسير حصول الشباب على المسكن الملائم لدخولهم ، وذلك بتشجيع الاستثمار فى مجال الإسكان المتوسط لمحدودى الدخل .
ويجب ألا يبالغ الأهل فى مطالبهم بالنسبة لتأثيث بيت الزوجية ،ويجب أن يدرك ولى أمر المرأة أن مصلحة الفتاة فى أن يدخل الزوج فى مشروع الزواج وهو مستريح ماديا وليس مثقلا بالديون .
**حقوق المطلقة ***
وعن حقوق المطلقة قبل الدخول يقول د . عثمان:لها نصف المهر فقط ،فإذا كان الزوج قد دفع المهر كاملا ، فله الحق فى استرجاع نصف ما قدمه وإذا كانت الزوجة لم تحصل على المهر فلها أن تطالبه بنصف المهر الذى اتفق عليه ، ويجب أن يلاحظ أن المهر يشمل المقدم والمؤخر لقول الله تبارك وتعالى وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهنا وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ، أما عن حكم الطلاق فى هذه الحالة ، فالطلاق قبل الزفاف يعتبر طلاقا بائنا بينونه صغرى ، بمعنى أنه ليس طلاقا رجعيا يحق للزوج أن يرجعها إلى عصمته فى أثناء العدة ،وإنما الطلاق قبل الدخول لا يوجب عدة على المرأة ، لقول الله عز وجل : (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا).