السؤال
السلام عليكم.
عندي ثلاث بنات وولد، البنات (10 -8- 6) سنوات والولد سنة، أنا عصبية، أتمنى أن ترشدوني في كيفية التعامل مع بناتي.
الكبرى أحسها متفهمة، وعندما أكلمها بروية تتفهم، وفي بعض الأحيان عندما أوبخها أجدها تنظر لي بوجوم، ودائما تقول: تحبين أختي أكثر مني!
في المدرسة تقول معلماتها: بأننا لا نصدق بأنهن أخوات، فهي لا تحتك كثيرا بالفتيات، وتفضل أن تلعب لساعات مطولة وحدها، وإذا فتحت التلفاز لا تسمع أي شيء سوى التلفاز.
وإذا طلب منها واجبات كثيرة تثرثر على معلماتها، ولا تكتب الواجب إلا بطلوع الروح، فإلى متى سأبقى أدرسها؟
أرشدوني وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Satha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن التوبيخ وسيلة مرفوضة، وآثار التوبيخ كبيرة، كما أن للتشجيع الآثار والثمار النافعة، فاستبدلي التوبيخ بالمدح والتشجيع، وسوف تجدين النتائج الطيبة والثمار المباركة بإذن الله.
ومرحبا بك في موقعك بين آباء وإخوان يسألون الله أن يصلح لك النية والذرية، وأن يجعل الصلاح ميراثا في ذرياتنا إلى يوم الدين.
وأرجو أن تعلم جميع الأمهات أن الصراخ يقطع حبال التواصل، ويجعل الطفل يتبلد ويضطرب، والأمر كما ذكرت، فتجنبي الصراخ، وقد اعترفت بأنها تتفهم وتتفاهم بالهدوء، علما بأن للصراخ آثار نفسية خطيرة، خاصة إذا صحبه توبيخ، ولم تكن هنالك أسباب واضحة ومعروفة.
ونحن غالبا نظلم الطفل الأول، لأنه لا تكون عندنا ثقافة تربوية، كما أن الطفلة الأولى تشعر باهتمام، ثم ينسحب البساط من تحتها، ولعل هذا واضح من كلام الطفلة، فلا بد من محو هذا الشعور بإظهار الاهتمام بها، ثم بتوجيه عاطفتها تجاه أخوتها الصغار، مع ضرورة تبرير الاهتمام الزائد بإخوانها، كأن تقولي: (أختك الصغيرة تحتاج لاهتمامنا جميعا، لأنها لا تستطيع أن تلبس وحدها ولا....... ).
ولا يخفى عليك أن البنات أكثر هدوءا، ولكننا ينبغي أن نبحث عن أسباب أخرى لهذا الهدوء وقد يكون السبب هو كثرة الأوامر والقيود التي تعرضت لها في صغرها، أو عدم وجود من يلعب معها، أو كثرة انشغال الوالدين عنها، أو الخوف الزائد عليها، وإذا عرف السبب بطل العجب، وسهل بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب.
نحن في الحقيقة نتمنى أن تقلل مدارسنا من الواجبات، وأن تخفف من حجم وكمية الكتب المحمولة على ظهر الأبناء والبنات، والجانب الصحي في ذلك لا يخفى، والصواب أن يكون في التعليم حركة واستخدام للوسائل وتركيز على قدح الشرارة وليس ملء الزجاجة، وقد أحسن من قال: لا تعطني سمكا ولكن علمني كيف اصطاد السمك، وكثرة الواجبات أو الأوامر أو التعليمات تدفع للتذمر والعناد.
وأرجو أن لا تعوديها على مذاكرتك لها دائما، إذ لا بد من تعويدها على تحمل شيء من المسؤولية، ونحن نخطئ عندما نقدم لأبنائنا الحلول الجاهزة فنعودهم الاتكالية وعدم الاهتمام.
ولعلك تتفقين معنا على أهمية إقامة العدل والتوازن العاطفي؛ لأن اختلال ميزان العدل يؤثر على الجميع، والفرق كبير بين التلميذة التي تذهب لمدرستها وقد ودعتها أمها بالقبلات، واللمسات والتوجيهات، وبين الأخرى التي لا تجد مثل هذا الاهتمام والحب.
والفرق كبير في الفهم والاستيعاب والحيوية والنشاط، وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة الدعاء.
وبالله التوفيق والسداد.