أموري دائماً متعسرة، فهل أنا من الأشقياء؟

0 39

السؤال

السلام عليكم

أرجو منكم عدم الانزعاج من طول الرسالة، وعندي تساؤلات كثيرة، ومضطرة كثيرا للإجابة.

أنا فتاة في الثلاثين من عمري، تحدث معي أشياء أجدها غريبة بعض الشيء، فأموري دائما معسرة، لا تتيسر بسهولة، هكذا يخبرني من أوكله بحاجة من حوائجي، حتى في أبسط الأمور، وحتى معي مثلا إن أردت تقديم أوراق رسمية مع بعض الأصدقاء، تسير أمورهم على خير ما يرام؛ أما أنا فتضيع أوراقي، وتحدث بتنفيذها آلاف الأشياء التي تعرقلها، أنا أقول: حظي سيئ، ولكن هذه الكلمة لا تجوز.

أعلم أن هذا من القضاء والقدر، ولكن هل هناك أشقياء وسعداء في هذه الحياة؟ فقد قال عليه السلام: فيما معناه (يؤتى بأشقى أهل الأرض فيغمس غمسة في الجنة، فيقال له هل رأيت بؤسا قط؟ يقول لا، والسعيد يغمس بالنار وهكذا..).

أليس الشقاء والسعادة سوء حظ وحسن حظ؟ هل من كتب عليه الشقاء سيعذب لنهاية حياته؟ ما هي الأمور التي لا تتغير في القدر؟ هل الدعاء يغير القدر؟ وما هي الأشياء التي يمكن أن تتغير؟ إذا كان القدر مرسوما فما أهمية الدعاء؟ وقد قال الله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فكيف يتفق معنى الآية مع القدر الذي كتب وانتهى؟

أنا -إن شاء الله- مؤمنة بالقدر، ولكن ما يحصل معي لا يحتمل، وليس هناك مجال لذكره.

أرجو أن تجيبوني بسرعة، فأنا أتخبط في دوامة أفكاري منذ عدة سنوات، وأرجو الإجابة عن كل الأسئلة، ولكم الشكر الجزيل، وجزاكم الله أحسن الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

يسرنا أن نرحب بك -أيتها الأخت الكريمة- في موقعك استشارات إسلام ويب، ونقول لك أولا: لا داعي للهم والقلق بشأن تعسر أمورك، بحيث تعتقدين أنك من الأشقياء لذلك السبب؛ فليس ذلك مقياسا دقيقا لمعرفة السعيد من الشقي، والمقياس الصحيح الذي لا يخطئ هو أن من كان ساعيا في رضا الله تعالى عنه فذاك هو السعيد.

أسعد الناس أطوعهم لله تعالى وأتقاهم له، ومن ثم فنحن نوصيك بمجاهدة نفسك، وتزكيتها بفعل ما فرض الله عليك، واجتناب ما حرمه، وكوني على ثقة بأنك إن فعلت ذلك ستدخلين السعادة من أوسع أبوابها، فالسعادة شيء ينبعث من داخل الإنسان ولا يستجلب من خارجه، وقد وعد الله عز وجل المؤمن الصالح والمؤمنة الصالحة بالحياة السعيدة الطيبة فقال: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} وتسهيل العسير من الأمور ما هو إلا ثمرة من ثمار الطاعة، فالزمي طريق الطاعة؛ تفوزين بكل خير عاجلا وآجلا.

أما القدر فالأمر كما ذكرت أن كل شيء قد كتب، ولكن الله تعالى قدر المقادير وجعل لها أسبابا، ونحن مأمورون بالأخذ بالأسباب الممكنة المباحة فهذا الذي بوسعنا وتحت طاقتنا، فإذا أخذنا بالسبب وحصل المطلوب علمنا أن الله عز وجل قد قدر حصوله وحمدنا الله تعالى، وإذا لم يحصل المطلوب علمنا أن الله تعالى لم يقدره فصبرنا، ولا يصح عقلا ولا شرعا أن يترك الإنسان السبب اعتمادا على ما قدره الله تعالى.

قد أمر الله تعالى مريم -عليها السلام- أن تهز جذع النخلة ليتساقط الرطب، مع أن هزها وحدها لا يفيد، ليعلمنا الأخذ بالأسباب، والدعاء من أعظم الأسباب في حصول المطلوب ودفع المكروه، وبالدعاء يرد الله تعالى القدر كما جاء في الحديث الصحيح إذ قال صلى الله عليه وسلم: (لا يرد القضاء إلا الدعاء).

نوصيك -أيتها الأخت الكريمة- بالاجتهاد في طاعة الله تعالى والإكثار من ذكره سبحانه، وشغل نفسك بالنافع من أمور الدين والدنيا، وستجدين بذلك سعادة الدنيا ونعيم الآخرة.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات