السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب متزوج، ولدي طفلان، ومتدين جدا، ولم تكن لي أي علاقات نسائية لا قبل الزواج ولا بعده، وأعمل في موقع محترم والحمد لله، وكنت أحب زوجتي جدا قبل الزواج، وأتمنى من الله أن تكون خير متاع الدنيا، ولكنني وجدت بعد الزواج أنها تفتقد كثيرا من مقومات الأنوثة ولا تشبعني حسيا فاحتسبت هذا الأمر عند الله، وتمنيت أن يعوضني عنه بحسن العشرة وحسن الخلق؛ لأنها متدينة وتخاف الله، إلا أنه مع الوقت وجدت أنها كثيرة المشاكسة وسريعة الغضب جدا لأنها دائما تشك في نوايا الناس باستمرار، وتأخذ الكلام بسوء نية من أي شخص حتى أنا، ولا تعرف ما تقول حينما تغضب، حتى ساءت علاقاتها بأهلي تماما، كما تبدد كثير مما كنت أكنه لها من حب وود، وقد بذلت معها جهدا كثيرا لإرشادها ونصحها وتوضيح الأمور لها؛ ولكنها لا تستوعب النصيحة، لأنها لا تثق في كلامي، ولا تصدق إلا ما تعتقده هي، ودائما ما تختلق الأسباب للشجار معي أو مع إحدى أخواتى، كما أن أهلها لا يبذلون جهدا إلا القليل لنصحها وتوعيتها.
وكان من نتيجة ذلك أن طالت فترات الخصام والجفاء بيننا ولم أعد أشعر بطعم للحياة معها، وأصبحت أتعمد البقاء أطول مدة خارج البيت سواء في العمل أو مع الأصدقاء، كما وجدتني رغما عني أختلس النظرات للنساء في الطريق العام أو للزميلات في العمل بصفة مستمرة، خاصة من أجد فيها ما لا أجد في زوجتي، كما أصبحت تراودني كثيرا فكرة الزواج مرة أخرى، فبماذا تشير علي، علما بأنني أحب أولادي جدا ولا يمكن أن أتخلى عنهم؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
بداية أسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله، وأن يثبتك على الحق، وأن يعينك على فعل ما يرضيه، وأن يخلف عليك بخير مما أخذ منك، وأن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين.
أخي محمد، تلك طبيعة الحياة، دار النصب والتعب والكدر، فليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وكم من عبد جعل الله ابتلاه في أهله أو ماله أو ولده أو نفسه، فالكل مبتلى، والمؤمن من أشد الناس بلاء كما ورد في الحديث، وقد قال الله تعالى: ((ونبلوكم بالشر والخير فتنة))[الأنبياء:35]
ولو نظرنا إلى غيرنا لوجدنا أننا أحسن بكثير من غيرنا، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هو دونكم). فستجد الكثير من المحرومين وأصحاب البلاء العظيم، ولقد ورد أن أحد علماء السلف تزوج بامرأة سوء فقيل له: لم لا تطلقها ؟ فقال: أخشى أن أطلقها فيبتلى بها غيري . هكذا كانت أخلاقهم رضي الله عنهم .
نعم أن ما يحدث من زوجتك وما هي عليه أمر يعكر الصفو ويكدر الخاطر وينغص الحياة، ولكن لعلها أن تكون أحسن من غيرها بكثير، وأرى أن تكرم من أجل دينها وأولادها، ثم لماذا لا تعقد مجلس مصالحة أسبوعي على الأقل لدراسة ما يجد من مشكلات وحلها أولا بأول، دون تدخل من أحد، وأن تناقشا معا أدق الأمور وأكبرها، حتى ما يتعلق بالجانب الجنسي، لماذا لا تحاولا النهوض بهذا الجانب وتنحيته وتطويره؛ لأن من الأهمية بمكان ؟ لماذا لا تحاول مساعدتها بتوفير بعض المواد العلمية المقروءة أو غيرها لتزيد من وعيها وثقافتها في هذا الجانب، والذي غالبا ما يكون هو السبب الرئيسي وراء الكثير من المشاكل ولكنه لا يظهر للناس ؟
وأنا على يقين أنه بالتفاهم والحوار الهادئ سوف تصلا إلى علاج لهذه المشكلة يحول حياتكما في هذا الجانب وغيره إلى حياة طبيعية طيبة .
ثم ما يتعلق بأخلاقها وسوء ظنها، فأرى أنها ضحية لتربية خاطئة داخل أسرتها، وعلاج ذلك أيضا ليس بالأمر العسير أو المستحيل؛ لأن الأخلاق في عمومها مكتسبة، ويمكن تغييرها أن وجدت العزيمة الصادقة والنوايا الحسنة، ولكنها كغيرها تحتاج إلى جلسات الحوار والمناقشة الهادئة .
فأرجو ألا تستسلم لهذه التحديات، وإنما واجهها بقوة وعزم وصدق، توكل على الله لأن الأرض خصبة وعامل الدين له أثره العجيب في قبول النصح والتوجيه وسرعة التذكر أن ذكرت بالله تعالى .
واعلم أخي محمد أن السيئة لا تعالج بسيئة مثلها وإن النار لا تطفئ النار، فاحذر الوقوع في معصية النظر المحرم؛ لأنه داء وليس دواء، ومعصية تحريك نعمة الطاعة والاستقرار، وتؤدي بك إلى التمرد على حياتك الأسرية، فيجعل الحياة صعبة أو يقضى عليها، فلا تطلق لعينك العنان أن تشبع من الحرام؛ لأنها بذلك تكون خائنة وتسقطك من عين الله والعياذ بالله.
حاول ولا تستسلم واعلم أن الدين نعمة وأولادك نعمة، فلا تفرط في هذه النعم إلا بعد استحالة العلاج أو التفاهم، وعندئذ أقول لك النساء غيرها كثير.
والله ولي التوفيق والسداد.